أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8258 - «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ»

08-08-2017 3521 مشاهدة
 السؤال :
ما معنى هذا الحديث الشريف: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنَاً فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنَاً بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8258
 2017-08-08

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإمام البخاري عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنَاً فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنَاً بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ».

أولاً: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ» يَعْنِي مَنْ قَالَ في أَمْرٍ مِنَ الأُمُورِ كَاذِبَاً، وَكَانَ مُتَعَمِّدَاً الكَذِبَ، فَهُوَ كَمَا قَالَ، كَمَنْ يَقُولُ لِزَوْجَتِهِ: أَنَا مَا قُلْتُ وَلَا فَعَلْتُ أَمْرَ كَذَا ـ وَهُوَ فَاعِلُهُ ـ وَإِنْ كُنْتُ قُلْتُ أَو فَعَلْتُ فَهُوَ يَهُودِيٌّ؛ فَهَذَا قَدِ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً مِنَ الكَبَائِرِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مِنَ المِلَّةِ إِنْ كَانَ يَرْضَى بِالكُفْرِ، وَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِالكُفْرِ فَهُوَ فَاسِقٌ، يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ إلى اللهِ تعالى في الحَالَتَيْنِ.

ثانياً: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ» يَعْنِي مَنْ نَذَرَ نَذْرَاً لَا يُطِيقُهُ، وَيَلْحَقُهُ بِذَلِكَ مَشَقَّةٌ كَبِيرَةٌ، كَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ، أَوْ نَذَرَ نَذْرَاً لَا يَمْلِكُ ثَمَنَهُ، فَهَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الوَفَاءُ بِهَذَا النَّذْرِ، وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، قَالَ تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرَاً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾.

ثالثاً: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» يَعْنِي المُنْتَحِرُ يُعَاقَبُ يَوْمَ القِيَامَةِ بِمِثْلِ مَا قَتَلَ بِهِ نَفْسَهُ، وَقَدْ جَاءَ في الحَدِيثِ الـشَّرِيفِ الذي رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدَاً مُخَلَّدَاً فِيهَا أَبَدَاً، وَمَنْ شَرِبَ سُمَّاً فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدَاً مُخَلَّدَاً فِيهَا أَبَدَاً، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدَاً مُخَلَّدَاً فِيهَا أَبَدَاً». فَالانْتِحَارُ مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ.

رابعاً: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنَاً فَهُوَ كَقَتْلِهِ» يَعْنِي لَعْنُ المُؤْمِنِ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، فَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنَاً كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ كَإِثْمِ القَاتِلِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى؛ وَاللَّعْنُ لَيْسَ مِنْ شِيَمِ الإِنْسَانِ المُؤْمِنِ.

خامساً: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنَاً بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ» يَعْنِي الإِقْدَامُ عَلَى تَكْفِيرِ المُسْلِمِ أَمْرٌ خَطِيرٌ، وَزَلَلٌ عَظِيمٌ، وَيَكْفِي قَاذِفَ المُؤْمِنِ بِالكُفْرِ قَوْلُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ دَعَا رَجُلَاً بِالْكُفْرِ، أَوْ قَالَ: عَدُوُّ اللهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ (بَاءَ وَرَجَعَ)». هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3521 مشاهدة