أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5738 - نذر من أجل بناء مسجد

31-01-2013 11707 مشاهدة
 السؤال :
نذر مبلغاً من المال من أجل بناء مسجد، فهل يجوز أن يصرف هذا المبلغ لمصالح الفقراء؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5738
 2013-01-31

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالطَّاعاتُ تُقسمُ إلى قِسمَينِ.

الأوَّلُ: عِباداتٌ مَقصودةٌ، كالصَّلاةِ والصِّيامِ والحجِّ والاعتِكافِ والصِّدقِ.

الثَّاني: عِباداتٌ غيرُ مَقصودةٍ لِذاتِها، إنَّما هيَ من الأعمالِ والأخلاقِ التي حَسَّنَها الشَّرعُ ورغَّبَ فيها، مثلُ بناءِ المساجِدِ، وتشييعِ الجنائِزِ، وتشميتِ العاطِسِ، ونحوِ ذلكَ مِمَّا ليسَ له أصلٌ في الفرائِضِ. هذا أولاً.

ثانياً: من نَذَرَ فِعلَ عِبادةٍ من العِباداتِ والتي من جِنسِها فرضٌ كالصَّلاةِ والصِّيامِ، وَجَبَ على النَّاذِرِ الوفاءُ بما نَذَرَ مُطلقاً، أو مُعلَّقاً على شرطٍ، وهذا بالإجماعِ.

أمَّا من نَذَرَ فِعلَ أمرٍ لم يَكُن من جِنسِهِ فرضاً، كالقُرَبِ غيرِ المقصودةِ بذاتِها كبناءِ مسجدٍ، وصلاةِ جنازةٍ، فقد اختلفَ الفقهاءُ في حُكمِ الالتِزامِ بالنَّذرِ:

ذَهَبَ المالكيةُ والحنابلةُ، والصَّحيحُ من مذهبِ الشافعيةِ إلى وُجوبِ الوفاءِ بالنَّذرِ، لقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ» رواه الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. ولحديث عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فقَالَ: كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قَالَ: «فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ» رواه الإمام البخاري عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما.

وذَهَبَ الحنفيةُ، وهوَ وجهٌ عندَ الشافعيةِ إلى أنَّ من نَذَرَ فِعلَ أمرٍ لم يَكُن من جِنسِهِ فرضاً، لا يجبُ عليه الوفاءُ به، لأنَّهُ لا يَصِحُّ النَّذرُ بها.

وبناء على ذلك:

 فعندُ جُمهورِ الفقهاءِ يجبُ على النَّاذِرِ الوفاءُ بِنَذرِهِ، وأن يقومَ ببِناءِ المسجِدِ، ولا يجوزُ صَرفُهُ إلى الفقراءِ.

وعندَ الحنفيةِ لا يُعتبرُ هذا نَذراً، ويجوزُ للنَّاذِرِ أن يصرِفَ هذا المبلغَ للفقراءِ وأصحابِ الحاجةِ، وخاصَّةً إذا كَثُرَ الفقراءُ في صُفوفِ المسلمينَ بسببِ البلاءِ الذي يُصَبُّ عليهم. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
11707 مشاهدة