أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1560 - يقصر في صلاته وذكره بسبب العمل

24-11-2008 10505 مشاهدة
 السؤال :
أنا أعمل في دول الخليج وأنا مقصر كثيراً في ذكر الله، وحتى في صلاتي، فإني أصليها ومعظم تفكيري في العمل، فلا يوجد خشوع في الصلاة، ولا أستطيع التركيز فيها جيداً، فأرجو منكم وصف علاج لي لذلك وكيفية المواظبة عليه.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1560
 2008-11-24

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالمشكلة عند أكثر المغتربين هي نفس مشكلتك، حيث غادر كل واحد منهم بلده وكلُّ همه الرزق وكيفية الوصول إليه؟

أخي الكريم: ربنا عز وجل أمرنا أن نضرب في الأرض لنبتغي الفضل من عند الله عز وجل، قال تعالى: {عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ}.

فالضرب في الأرض والسير فيها بحثاً عن الرزق مطلوب شرعاً، ولكن يجب علينا أن نعلم أنَّه سبب من الأسباب فقط، والرزق من عند الرزاق جل جلاله، حيث قال تعالى: {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون * فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُون }. وقال تعالى : {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِين}. والرزق يعرف مكان صاحبه، والمرزوق لا يعرف أين رزقه؟

فالأخذ بالأسباب حتمٌ لازم، مع الاعتقاد بأنها ليست شريكة مع الله تعالى، خذ بالأسباب وتوكل على الله تعالى، قال تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين}. ما قال توكل على الأسباب، معاذ الله.

وكن على يقين بأنَّ ما كان لك فسيأتيك على ضعفك، وما كان لغيرك فلن تناله بقوتك.

وكن على يقين بأنَّ رزقك واصل إليك لا محالة، فأرح قلبك ولو تعب بدنك، لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن روح القدس نفث في روعي، وأخبرني أنها لا تموت نفس حتى تستوفي أقصى رزقها، وإن أبطأ عنها، فيا أيها الناس! اتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنَّ أحدكم استبطاء رزقه أن يخرج إلى ما حرم الله عليه) رواه عبد الرزاق.

ألا ترى يا أخي الكريم أنَّه من العار الكبير أن يقف العبد الفقير بين يدي مولاه الغني الذي يعطي بغير حساب وفكره مشغول بالنعمة عن المنعم؟

الله تعالى ضمن لك رزقك فلا تُتْعب قلبك، وتذكَّر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا) رواه الترمذي.

يا أخي عندنا ما يكفينا ونطمع بالذي يطغينا، لا بقليل نقنع ولا بكثير نشبع، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَوْ كَانَ لابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا، وَلا يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ) رواه مسلم.

فخير ما تطلبه من ربك هو ما طلبه منك، وتعلم دعاء سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قاله لسيدنا معاذ رضي الله عنه: (لا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ) رواه أبو داود أحمد. فكِّر بما خُلقت من أجله، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون}. فكِّر في العبادة وادع الله عز وجل أن يوفقنا لأدائها على أحسن حال، (اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ). فربُّنا ضمن لنا أرزاقنا وطلب منا عبادته، فقم بما كُلِّفت به، والذي يعيننا على ذلك من حيث الأسباب:

1. مجاهدة النفس الأمارة بالسوء، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين}.

2. كثرة ذكر الله تعالى، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}. فلا بدَّ من مجاهدة النفس بكثرة ذكر الله تعالى.

3. مجالسة الصالحين الذين يريحون قلبك أثناء الجلوس معهم، حيث يحدثونك عن الجنة وعن النار، وعن الآخرة، كما كان أصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يجالسون رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أسأل الله تعالى أن يرزقنا قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وعلماً نافعاً، وأن يُخرج من قلوبنا حب الدنيا. آمين.

وأسأل الله لنا ولكم قضاء حوائجنا فيما يرضيه عنا، وأذكِّرك بصلاة الحاجة ودعائها. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
10505 مشاهدة