أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7751 - هل سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أول الخلق؟

16-12-2016 2114 مشاهدة
 السؤال :
هناك بعض الناس يعتقدون أن سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هو أول الخلق، والمعلوم عند الجميع أن أول الخلق هو سيدنا آدم عليه السلام، فما صحة اعتقاد هؤلاء الناس؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7751
 2016-12-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: جَاءَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ الذي رواه الإمام أحمد والحاكم والطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ مَيْسَرَةَ الْفَخْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: مَتَى كُنْتَ نَبِيَّاً؟

قَالَ: «وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ».

يَقُولُ التَّقِيُّ السَّبْكِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: النُّبُوَّةُ وَصْفٌ، لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ المَوْصُوفُ بِهِ مَوْجُودَاً، وَإِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ بُلُوغِ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَيْضَاً؛ فَكَيْفَ يُوصَفُ بِهِ قَبْلَ وُجُودِهِ وَقَبْلَ إرْسَالِهِ؟ فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَغَيْرُهُ كَذَلِكَ.

قُلْتُ: قَدْ جَاءَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَجْسَادِ؛ فَقَدْ تَكُونُ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: «كُنْتَ نَبِيَّاً»  إلَى رُوحِهِ الشَّرِيفَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَإِلَى حَقِيقَتِهِ؛ وَالْحَقَائِقُ تَـقْصُرُ عُقُولُنَا عَنْ مَعْرِفَتِهَا وَإِنَّمَا يَعْلَمُهَا خَالِقُهَا، وَمَنْ أَمَدَّهُ بِنُورٍ إلَهِيٍّ.

ثانياً: روى الطَّبَرَانِيُّ في مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُنْتُ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ فِي الْخَلْقِ، وَآخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ».

ثالثاً: روى البَزَّارُ في حَدِيثِ الإسْرَاءِ الطَّوِيلِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، عَنْ رَبِّ العِزَّةِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: «وَجَعَلْتُكَ أَوَّلَ النَّبيِّينَ خَلْقَاً، وَآخِرَهُمْ بَعْثَاً، وَأَعْطَيْتُكَ سَبْعَاً مِن المَثَانِي، وَلَمْ أُعْطِ نَبِياً قَبْلَكَ، وَأَعْطَيْتُكَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ لَمْ أُعْطِهَا نَبِيَّاً قَبْلَكَ، وَجَعَلْتُكَ فَاتِحَاً وَخَاتمَاً».

وَيَقُولُ العَلَّامَةُ المَنَاوِيُّ في كِتَابِهِ فَيْضِ القَدِيرِ شَرْحِ الجَامِعِ الصَّغِيرِ: جَعَلَهُ اللهُ حَقِيقَةً تَقْصُرُ عُقُولُنَا عَنْ مَعْرِفَتِهَا، وَأَفَاضَ عَلَيْهَا وَصْفَ النُّبُوَّةِ مِنْ ذَلِكَ الوَقْتِ، ثمَّ لَمَّا انْتَهَى الزَّمَانُ بِالاسْمِ البَاطِنِ في حَقِّهِ إلى وُجُودِ جِسْمِهِ وَارْتِبَاطِ الرُّوحِ بِهِ انْتَقَلَ حُكْمُ الزَّمَانِ إلى الاسْمِ الظَّاهِرِ فَظَهَرَ بِكُلِّيَّتِهِ جِسْمَاً وَرُوحَاً.

 وبناء على ذلك:

فَالاعْتِقَادُ بِأَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوَّلَ الخَلْقِ ـ إِمَّا في خَلْقِ الرُّوحِ، وَإِمَّا في حَقِيقَةٍ لَا تُدْرِكُهَا عُقُولُنَا ـ فَصَحِيحٌ بِنَاءً على هَذِهِ الأَحَادِيثِ التي ذَكَرْنَاهَا.

وَلَيْسَ المَقْصُودُ بِذَلِكَ الأَوَّلِيَّةَ على جَمِيعِ المَخْلُوقَاتِ، لِأَنَّهُ جَاءَ أَنَّ أَوَّلَ المَخْلُوقَاتِ القَلَمُ، روى الترمذي وَأبو داود عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ الْقَلَمَ».

وَكَانَ سَيِّدُنَا آَدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلَ خَلْقِ اللهِ تعالى مِنْ عَالَمِ الإِنْسِ في عَالَمِ الأَجْسَادِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2114 مشاهدة