أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4205 - تبين له بعد الزواج ضعف بصرها

29-08-2011 12964 مشاهدة
 السؤال :
تزوج رجل من امرأة صاحبة دين وخلق، وتبيَّن له بعد الزواج بأن بصرها فيه ضعف، فصبر على ذلك، ولكن عندما أنجبت أنجبت ولداً مع ضعف في البصر، فهل إذا طلَّقها تستحقُّ مهرها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4205
 2011-08-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يقول الله تبارك وتعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}، ويقول الله تبارك وتعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُون}.

ثانياً: المعوَّل عليه صفاء القلوب ونقاؤها، كما جاء في الحديث الشريف: (إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ) رواه مسلم. وربما أن يمنع الله تعالى العبدَ شيئاً من النعم الظاهرة رحمةً به، حتى لا يقع في العجب والغرور، لأن العبد إذا وقع في ذلك عرَّض نفسه للهلاك، كما جاء في الحديث الشريف: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ، تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ، إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) رواه البخاري ومسلم. ويقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ) رواه مسلم.

ثالثاً: المرأة تستحقُّ كامل مهرها بالدخول بها، وإذا اطَّلع الزوج على عيب من عيوب زوجته التي تجيز له فسخ النكاح والرجوعَ في المهر، ورضي به بداية، فلا يحقُّ له الرجوع في المهر، لأن حقَّه سقط بهذا الرضى بداية، والقاعدة الفقهية تقول: الساقط لا يعود، فكيف إذا اطَّلع على عيب من عيوب الزوجة التي لا تجيز له فسخَ النكاح والرجوعَ في المهر ورضي به؟ فهذا من باب أولى.

رابعاً: الظلم كبيرة من الكبائر، يقول الله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَار}، ويقول في الحديث القدسي: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا) رواه مسلم.

وبناء على ذلك:

فأنا أوصي هذا الرجل بوصية الله عز وجل: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}، وأن يصبر على زوجته وينتظر وعد الله تعالى الذي لا يخلف، وليجاهد نفسه في ذلك، وليذكر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين}، هذا بشرط عدم الظلم لها.

ولكن إذا خشي على نفسه من الوقوع في الظلم لها، وجب عليه أن يسرِّحها بإحسان، ويذكر قول الله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}، فإذا سرَّحها بإحسان وجب عليه أن يدفع لها كامل صداقها مع نفقة العدة. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
12964 مشاهدة