أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5923 - على هذا فليغن من غنى

10-07-2013 1898 مشاهدة
 السؤال :
ما صحة هذا القول: على هذا فليغن من غنى؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5923
 2013-07-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد ذَكَرَ الإمامُ الشَّاطِبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتابِهِ الاعتِصام:

أنَّ أبا الحَسَنِ القرافِيَّ الصُّوفِيَّ يَروي عن الحَسَنِ البَصرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ، أنَّ قَوماً أتَوا عُمَرَ ابنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ فقالوا: يا أميرَ المؤمنينَ! إنَّ لنا إماماً إذا فَرَغَ من صَلاتِهِ تَغَنَّى.

فقال عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: من هوَ؟ فَذُكِرَ الرَّجُلُ.

فقال: قُوموا بِنا إليه، فإنَّا إن وَجَّهنا إليه يَظُنُّ أنَّا تَجَسَّسنا عليه أمرَهُ.

قال: فَقَامَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ معَ جَماعَةٍ من أصحابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حتَّى أتَوا الرَّجُلَ وهوَ في المسجِدِ.

فلمَّا أن نَظَرَ إلى عُمَرَ، قامَ فاستَقبَلَهُ.

فقال: يا أميرَ المؤمنينَ، ما حَاجَتُكَ؟ وما جاءَ بِكَ؟ إن كانَتِ الحاجَةُ لنا كُنَّا أحَقَّ بذلكَ منكَ أن نَأتِيَكَ، وإن كانَتِ الحاجَةُ لك فأحَقُّ من عَظَّمناهُ خَليفَةُ رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

قال له عُمَرُ: وَيحَكَ! بَلَغَني عنكَ أمرٌ ساءَني.

قال: وما هوَ يا أميرَ المؤمنينَ؟

قال: أتَتَمَجَّنُ في عِبادَتِكَ؟

قال: لا يا أميرَ المؤمنينَ، لكنَّها عِظَةٌ أعِظُ بها نفسي.

قال عُمَرُ: قُلها، فإن كانَ كَلاماً حَسَناً قُلتُهُ معَكَ، وإن كانَ قَبيحاً نَهَيتُكَ عنهُ.

فقال:

وفُــؤادِي كُـلَّـما عَـاتَـبـتُــهُ   ***   في مَدَى الهِــجرانِ يَبغي تَعَبي

لا أُراهُ الــدَّهرَ إلا لَاهِــيــاً   ***   في تَمـــادِيـهِ فَـقَـد بَـرَّحَ بــي

يا قَرينَ السُّوءِ ما هَذا الصِّـبا   ***   فَـنِـيَ الـعُـمُرُ كـذا في اللَّعِـبِ

وشَبـابٌ بـانَ عنِّي فَمَضـَى   ***   قَـبـلَ أن أقـضِـيَ مـنـهُ أَرَبي

مـا أرَجِّـي بَـعـدَهُ إلا الـفَـنَا   ***   ضَـيَّـقَ الـشَّيـبُ عـليَّ مَطلَبي

وَيـحَ نَـفـسـي لا أَراهـا أبداً   ***   فـي جَــميلٍ لا ولا فـي أَدَبِ

نَفسُ لا كُنتِ ولا كانَ الهوى   ***   رَاقِـبـي المَـولى وخافِي وارهَبِي

فقالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ:

نَفسُ لا كُنتِ ولا كانَ الهوى   ***   رَاقِبي المَولى وخَافِي وارهَبِي

ثمَّ قال عُمَرُ: عَلى هذا فَليُغَنِّ من غَنَّى.

وبناء على ذلك:

 فهذا الكلامُ مَنسوبٌ لسيِّدِنا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، كما ذَكَرَ الإمامُ الشَّاطِبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى، وفيه فائِدَةٌ:

سيِّدُنا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ كانَ حَريصاً على إنكارِ المنكَرِ، وكانَ حَريصاً كُلَّ الحِرصِ على الاتِّباعِ لسيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وكانَ حَريصاً كُلَّ الحِرصِ على تَحليلِ الحَلالِ وتَحريمِ الحَرامِ، وكانَ على حَذَرٍ شديدٍ من أن يقولَ في دِينِ الله تعالى بدونِ دليلٍ.

سيِّدُنا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ ما قالَ لهذا الرَّجُلِ الذي يَتَغَنَّى في المَسجِدِ: لقد ابتَدَعتَ في دينِ الله عزَّ وجلَّ، وكُلُّ بِدعَةٍ ضلالَةٌ. بل قالَ له بأسلوبِ الآمرِ بالمعروفِ والنَّاهي عن المنكَرِ: إن كانَ كَلاماً حَسَناً قُلتُهُ معَكَ، وإن كانَ قَبيحاً نَهَيتُكَ عنهُ.

فأينَ حِكمَتُنا في الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكَرِ؟ هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1898 مشاهدة
الملف المرفق