أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4977 - غسل الجمعة ليوم الجمعة أم لصلاة الجمعة؟

20-03-2012 21647 مشاهدة
 السؤال :
ما حكم الغُسلِ يوم الجمعة، هل هو واجبٌ أم سنةٌ؟ وهل هو سنةٌ ليوم الجمعة أم لصلاتها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4977
 2012-03-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: روى الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: (غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَسِوَاكٌ، وَيَمَسُّ مِن الطِّيبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ).

وروى ابن ماجه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ جَعَلَهُ اللهُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَمَنْ جَاءَ إِلَى الجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ، وَإِنْ كَانَ طِيبٌ فَلْيَمَسَّ مِنْهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ).

وروى ابن خزيمة عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فَاغْتَسَلَ الرَّجُلُ، وَغَسَلَ رَأْسَهُ، ثُمَّ تَطَيَّبَ مِنْ أَطْيَبِ طِيبِهِ، وَلَبِسَ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ اسْتَمَعَ لِلإِمَامِ، غُفِرَ لَهُ مِنَ الجُمُعَةِ إِلَى الجُمُعَةِ وَزِيَادَةِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ).

وروى الطبراني عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: (إِنَّ الغُسْلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ لَيَسْتَلُّ الخَطَايَا مِنْ أُصُولِ الشَّعْرِ اسْتِلاةً).

ثانياً: اتَّفق الفقهاء على أنَّ الغُسلَ للجمعةِ مطلوبٌ شرعاً، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ) رواه الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

واختلفوا في حكمه، فذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّه سنةٌ مؤكَّدةٌ وليس واجباً، إلا في رواية عن الإمام أحمد قال بوجوبه، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (غُسْلُ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ) رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

ثالثاً: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ وقتَ غُسلِ الجمعة يبدأ من طلوع الفجر الصادق من يوم الجمعة، ولا يُجزئه قبله، وذهب بعض الشافعية إلى أنَّ وقته من نصف ليلة الجمعة.

رابعاً: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ غُسلَ الجمعة لصلاة الجمعة وليس ليوم الجمعة، لأنَّه من اغتسل بعد صلاة الجمعة لا تحصل له السنة.

وذهب بعض الفقهاء إلى أنَّه ليوم الجمعة، وليس لصلاة الجمعة، جاء في حاشية ابن عابدين رحمه الله تعالى: (وَلِسَيِّدِي عَبْدِ الغَنِيِّ النَّابُلُسِيِّ هُنَا بَحْثٌ نَفِيسٌ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ هِدَايَةِ ابْنِ العِمَادِ. حَاصِلُهُ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ هَذِهِ الاغْتِسَالاتِ الأَرْبَعَةَ لِلنَّظَافَةِ لا لِلطَّهَارَةِ، مَعَ أَنَّهُ لَوْ تَخَلَّلَ الحَدَثُ تَزْدَادُ النَّظَافَةُ بِالوُضُوءِ ثَانِيًا، وَلَئِنْ كَانَتْ لِلطَّهَارَةِ أَيْضًا فَهِيَ حَاصِلَةٌ بِالوُضُوءِ ثَانِيًا مَعَ بَقَاءِ النَّظَافَةِ، فَالأَوْلَى عِنْدِي الإِجْزَاءُ وَإِنْ تَخَلَّلَ الحَدَثُ؛ لأَنَّ مُقْتَضَى الأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ طَلَبُ حُصُولِ النَّظَافَةِ فَقَطْ.

أَقُولُ: وَيُؤَيِّدُهُ طَلَبُ التَّبْكِيرِ لِلصَّلاةِ، وَهُوَ فِي السَّاعَةِ الأُولَى أَفْضَلُ، وَهِيَ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَرُبَّمَا يَعْسُرُ مَعَ ذَلِكَ بَقَاءُ الوُضُوءِ إلَى وَقْتِ الصَّلاةِ، وَلا سِيَّمَا فِي أَطْوَلِ الأَيَّامِ، وَإِعَادَةُ الغُسْلِ أَعْسَرُ - {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} - وَرُبَّمَا أَدَّاهُ ذَلِكَ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ حَاقِنًا وَهُوَ حَرَامٌ. وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مَا فِي المِعْرَاجِ: لَو اغْتَسَلَ يَوْمَ الخَمِيسِ أَوْ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ اسْتَنَّ بِالسُّنَّةِ، لِحُصُولِ المَقْصُودِ وَهُوَ قَطْعُ الرَّائِحَةِ) اهـ .

وبناء على ذلك:

 فغُسلُ الجمعةِ سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ، ويبدأ وقته من منتصف ليلة الجمعة إلى صلاة الجمعة، وهو سُنَّةٌ لصلاة الجمعة لا ليومها عند جمهور الفقهاء، خلافاً لبعض الفقهاء الذين قالوا بِسُنِّيَّتِهِ ليوم الجمعة. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
21647 مشاهدة