أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8205 - كان عاجزاً ثم صار قادراً

05-07-2017 2787 مشاهدة
 السؤال :
إنسان كان عاجزاً عن الصيام بسبب مرض مزمن، وبحمد الله تعالى تم شفاؤه بعد سنين، وكان قد دفع الفدية عما أفطر في شهر رمضان، فهل يجب عليه القضاء بعد دفع الفدية؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8205
 2017-07-05

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا الفُقَهَاءُ؛ ذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ إلى أَنَّ مَنْ كَانَ عَاجِزَاً عَنِ الصِّيَامِ فَأَطْعَمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينَاً، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الصِّيَامِ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَانْقَلَبَ الإِطْعَامُ نَفْلَاً.

جَاءَ في الدُّرِّ المُخْتَارِ: وَكَذَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ فِي آخِرِ الإِطْعَامِ لَزِمَهُ الصَّوْمُ، وَانْقَلَبَ الْإِطْعَامُ نَفْلَاً.

وَجَاءَ في شَرْحِ الهِدَايَةِ: وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ يَبْطُلُ حُكْمُ الْفِدَاءِ.

أَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، فَلَا يَلْزَمُهُ القَضَاءُ مَا دَامَ أَطْعَمَ مِسْكِينَاً عَنْ كُلِّ يَوْمٍ أَفْطَرَهُ بِسَبَبِ المَرَضِ المُزْمِنِ، ثُمَّ بَرِئَ بَعْدَ ذَلِكَ.

جَاءَ في رَوْضَةِ الطَّالِبِينَ: وَكَذَا لَوْ كَانَ فَرْضُهُ الْإِطْعَامَ، فَأَطْعَمَ بَعْضَ المَسَاكِينِ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ، لَا يَلْزَمُهُ الْعُدُولُ إِلَيْهِ.

وَجَاءَ في المَجْمُوعِ للإِمَامِ النَّوَوِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: إِذَا أَفْطَرَ الشَّيْخُ الْعَاجِزُ وَالمَرِيضُ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ؛ فِيهِ وَجْهَانِ: حَكَاهُمَا الدَّارِمِيُّ، وَقَالَ الْبَغَوِيُّ، وَنَقَلَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُخَاطَبَاً بِالصَّوْمِ، بَلْ بِالْفِدْيَةِ.

وبناء على ذلك:

فَالمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ الفُقَهَاءِ، فَعِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، وفي رِوَايَةٍ عِنْدَ الحَنَابِلَةِ، وَوَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، مَنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ بَعْدَ عَجْزٍ فَعَلَيْهِ القَضَاءُ وَلَو أَطْعَمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينَاً، لِأَنَّهُمُ اعْتَبَرُوا اسْتِمْرَارَ العَجْزِ شَرْطَاً لِصِحَةِ الفِديَةِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالحَنَابِلَةُ في المَذْهَبَيْنِ إلى أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ بَعْدَ القُدْرَةِ عَلَى الصِّيَامِ وَبَعْدَ الإِطْعَامِ، وَاعْتَبَرُوا ذِمَّتَهُ بَرِئَتْ بِإِخْرَاجِ الفِدْيَةِ.

وَإِذَا خَرَجَ الذي شَفَاهُ مِنْ مَرَضٍ مُزْمِنٍ مِنَ الخِلَافِ بَيْنَ الفُقَهَاءِ، وَصَامَ مَا أَفْطَرَهُ كَانَ خَيْرَاً لَهُ، وَلَو دَفَعَ الفِدْيَةَ عَمَّا أَفْطَرَهُ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2787 مشاهدة