أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

781 - كيفية معاملة الأب لابنه المراهق

15-01-2008 114265 مشاهدة
 السؤال :
سيدي الشيخ قرأت جوابك عن سؤالي حول معاملة الزوج السيئة، إن أكون أنا مقصرة لكن يشهد الله أن كل الأمور التي ذكرتها غير مقصرة بها، لكن أحتسب أجري على الله الكريم بأن يتكرم علي بالصبر حتى أكون مأجورة. سؤالي: كيف يجب أن تكون معاملة الأب مع ابنه المراهق البالغ سبع عشرة سنة المعاملة الشرعية الحسنة، يقولون: إذا كبر ابنك خاويه، كيف يكون ذلك؟ وكذلك مع البنت البالغة خمسة عشرة سنة.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 781
 2008-01-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: إنه من الواجب على الأبوين نحو الأبناء ذكوراً كانوا أم إناثاً، أن يعاملوا الأبناء المعاملة الحسنة المستمدَّة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالأسلوب الحسن الذي قال فيه مولانا جل جلاله: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125]. هذا في حق العامة، فمع الخاصة من باب أولى.

 ثانياً: يجب غرس مراقبة الله في نفوسهم، وذلك من خلال قول النبي صلى الله عليه وسلم موجِّهاً ومربِّياً لسيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنه: «يا غلام إني أعلمك كلماتٍ: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تُجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفت الصحف» رواه الترمذي.

ثالثاً: أن نخاطبه بالأدب الذي نتعلمه من القصص القرآنية، مثل قصة لقمان عليه السلام مع ابنه: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ} [لقمان: 13]. ما ألطفها من كلمة (يا بني)، وكقول سيدنا إبراهيم عليه السلام لولده: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: 102]. حتى ولو كان الولد لا قدر الله سيِّئاً، فلا تترك اللطف واللين معه، وهذا سيدنا نوح عليه السلام يقول لولده: {يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ} [هود: 42].

رابعاً: أن لا ننسى حسناته إذا أردنا تذكيره بسيئاته، لأن من شأن المؤدِّب أن يذكِّر مؤدَّبَه بحسناته أولاً، ولنستفد هذا من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما أراد أن ينصح سيدنا ابن عمر ¶ قال: «نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل» رواه البخاري ومسلم. مدحه أولاً، ثم ذكَّره بما هو محتاج إليه ثانياً.

خامساً: أن نبعد عن ألسنتنا الكلمات الجارحة، والصفات الذميمة التي نصبُّها على الولد في ساعة الغضب، وأن لا ندعو الله عليه، لأن هذه الكلمات والدعوات عليه تنفِّره.

سادساً: أن نحسن إليه إن أساء مع نصحنا له، ونحن نتمثَّل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صِلْ من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك» رواه أحمد والبيهقي.

سابعاً: أن يكون عندنا الحلم في التعامل معهم، وذلك لقول الله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134]. ولقوله لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَلَوْ كُنْتَ فَظَّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159]. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي» رواه الترمذي.

وأخيراً: لو التزمنا هدي الإسلام في أنفسنا لاستقام أبناؤنا. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
114265 مشاهدة