أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8428 - التوسل إلى الله بحق المقربين

26-10-2017 1313 مشاهدة
 السؤال :
هل يجوز للعبد أن يتوسل إلى الله تعالى بحق المقربين عنده تبارك وتعالى؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8428
 2017-10-26

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: رَوَى الإمام أحمد وابن ماجه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا، فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرَاً، وَلَا بَطَرَاً، وَلَا رِيَاءً، وَلَا سُمْعَةً، وَخَرَجْتُ اتِّقَاءَ سُخْطِكَ، وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُعِيذَنِي مِنَ النَّارِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، أَقْبَلَ اللهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفِ مَلَكٍ».

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا مَاتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ أُمُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهَا فَقَالَ: «رَحِمَكِ اللهُ يَا أُمِّي، كُنْتِ أُمِّي بَعْدَ أُمِّي، وتُشْبِعِينِي وتَعْرَيْنَ، وتُكْسِينِي، وتَمْنَعِينَ نَفْسَكِ طَيِّبَاً، وتُطْعِمِينِي تُرِيدِينَ بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ».

ثُمَّ أَمَرَ أَنْ تُغَسَّلَ ثَلَاثَاً، فَلَمَّا بَلَغَ المَاءُ الَّذِي فِيهِ الْكَافُورُ سَكَبَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، ثُمَّ خَلَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ فَأَلْبَسَهَا إِيَّاهُ وَكَفَّنَهَا بِبُرْدٍ فَوْقَهُ، ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَأَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ، وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَغُلَامَاً أَسْوَدَ يَحْفِرُونَ، فَحَفَرُوا قَبْرَهَا، فَلَمَّا بَلَغُوا اللَّحْدَ حَفَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَأَخْرَجَ تُرَابَهُ بِيَدِهِ.

فَلَمَّا فَرَغَ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: فَاضْطَجَعَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللهُ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، اغْفِرْ لِأُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ، ولَقِّنْهَا حُجَّتَها، وَوَسِّعْ عَلَيْهَا مُدْخَلَهَا، بِحَقِّ نَبِيِّكَ وَالْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِي فَإِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» وَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعَاً، وأَدْخَلُوها اللَّحْدَ هُوَ وَالْعَبَّاسُ، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.

ثانياً: روى الإمام البخاري عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا أَخِرَةُ الرَّحْلِ (هِيَ العُودَةُ التي يَسْتَنِدُ إِلَيْهَا الرَّاكِبُ مِنْ خَلْفِهِ، وَهُوَ مُبَالَغَةٌ في شِدَّةِ قُرْبِهِ مِنْهُ) فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ».

قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ.

ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: «يَا مُعَاذُ».

قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ.

ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: «يَا مُعَاذُ».

قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ.

قَالَ: «هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ؟».

قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: «حَقُّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئَاً».

ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: «يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ».

قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ.

فَقَالَ: «هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ إِذَا فَعَلُوهُ؟».

قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: «حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ».

وبناء على ذلك:

فَالعَبْد المُؤْمِنُ الحَقُّ المُسْتَقِيمُ عَلَى شَرْعِ اللهِ تعالى لَهُ حَقٌّ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الصَّحِيحِ، وَهَذَا الحَقُّ للعَبْدِ عِنْدَ اللهِ تعالى هُوَ مِنْ بَابِ الفَضْلِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾. فَاللهُ تعالى مِنْ فَضْلِهِ وَجُودِهِ وَإِحْسَانِهِ جَعَلَ للعَبْدِ حَقَّاً لَهُ عِنْدَهُ تَبَارَكَ وتعالى.

وَمَا دَامَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ للعَبْدِ حَقَّاً عِنْدَهُ، فَمَا الذي يَضُرُّ أَنْ يَسْأَلَ العَبْدُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِحَقِّ مَنْ لَهُ حَقٌّ عِنْدَهُ؟

وَإِذَا قَالَ البَعْضُ: لَا حَقَّ للعَبْدِ عِنْدَ اللهِ تعالى، فَإِنِّي أَقُولُ لَهُمْ: فَمَا تَقُولُونَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ إِذَا فَعَلُوهُ؟».

وَإِذَا قَالَ البَعْضُ بِأَنَّ الحَدِيثَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ». وَحَدِيثَ: «اغْفِرْ لِأُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ، ولَقِّنْهَا حُجَّتَها، وَوَسِّعْ عَلَيْهَا مُدْخَلَهَا، بِحَقِّ نَبِيِّكَ وَالْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِي فَإِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ». حَدِيثَانِ ضَعِيفَانِ، فَإِنِّي أَقُولُ: الحَدِيثُ الضَّعِيفُ أَقْوَى مِنْ آرَاءِ فُحُولِ الرِّجَالِ عِنْدَ العُلَمَاءِ وَالمُحَقِّقِينَ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1313 مشاهدة