أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1829 - هل الإنسان مسير أم مخير؟

03-03-2009 12437 مشاهدة
 السؤال :
موضوع شغلني كثيراً وتجادلت كثيراً مع بعض أصدقائي فيه وهو هل الإنسان مسير أم مخير ولم نصل إلى نتيجة فكل له رأيه ولكني في النتيجة وفي قرارة نفسي أجد أني مسير ولست بمخير في حياتي وأنا راض كل الرضى بما قسم الله لي حتى وإن أدخلني النار فأنا راض بما قسمه الله لي لأني أينما نظرت أجد يد الله فيها في كل حركة وكل شيء في هذا الكون من أشياء محسوسة أو مرئية أو مسموعة أو خفية فهل في ذلك شيء من الكفر أو ما شابه ذلك؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1829
 2009-03-03

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَخِي الكَرِيمُ، الإِنْسَانُ مُكَلَّفٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مُكَلَّفٌ هُوَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ مَنَحَهُ عَقْلَاً يُفَكِّرُ فِيهِ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولَاً لِيُرْشِدَهُ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ كِتَابَاً فِيهِ المَأْمُورَاتُ التي هِيَ وَاجِبٌ فِعْلُهَا، وَفِيهِ المَحْظُورَاتُ التي هَيِ وَاجِبٌ تَرْكُهَا، وَرَغَّبَهُ بِجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، وَحَذَّرَهُ مِنْ نَارٍ وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ.

فَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّ الإِنْسَانَ مُسَيَّرٌ في كُلِّ أُمُورِهِ لَكَانَتْ هَذِهِ الأُمُورُ المَذْكُورَةُ أَعْلَاهُ عَبَثَاً، وَتَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوَّاً كَبِيرَاً.

نَعَمْ هُنَاكَ كَثِيرٌ مِنَ الأُمُورِ الإِنْسَانُ فِيهَا مُسَيَّرٌ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهَا، مِثْلُ سَاعَةِ وِلَادَتِهِ وَمَوْتِهِ، وَطُولِهِ وَلَوْنِهِ، وَصِحَّتِهِ وَمَرَضِهِ، وَلَوْنِ شَعْرِهِ، وَتَنَقُّلِهِ مِنْ طَوْرٍ إلى طَوْرٍ، مِنْ ضَعْفٍ إلى قُوَّةٍ، وَمِنْهَا إلى ضَعْفٍ وَشَيْبَةٍ.

وَهُنَاكَ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ يَشْعُرُ الإِنْسَانُ بِحُرِّيَّتِهِ فِيهَا، إِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، لِأَنَّ اللهَ تعالى هُوَ الذي مَنَحَهُ هَذِهِ المَشِيئَةَ ﴿وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللهُ رَبُّ الْعَالَمِين﴾. وَلَوْلَا أَنَّهُ تعالى شَاءَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ العَبْدِ إِرَادَةٌ وَمَشِيئَةٌ لَمَا اسْتَطَاعَهَا الإِنْسَانُ.

أَلَا تَشْعُرُ يَا أَخِي بِالفَارِقِ بَيْنَ الأَمْرَيْنِ؟ فَاللهُ يُحَاسِبُنَا يَوْمَ القِيَامَةِ عَنِ الجُزْءِ الاخْتِيَارِيِّ فِينَا، لَا الجُزْءِ الذي نَحْنُ فِيهِ مُسَيَّرُونَ.

وَلَا تَشُكَّ بِأَنَّ اللهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَمُوجِدُ كُلِّ شَيْءٍ، وَلَكِنَّ هَذَا لَا يَعْنِي بِأَنَّ العَبْدَ مُسَيَّرٌ في كُلِّ الأُمُورِ.

وَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ بِعَفْوِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
12437 مشاهدة