أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8985 - الدليل على وجوب قضاء الصيام

27-06-2018 9073 مشاهدة
 السؤال :
هل هناك دليل على وجوب قضاء الصيام إذا أفطرت المرأة أيام حيضها ونفاسها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8985
 2018-06-27

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَجِبُ عَلَى المَرْأَةِ أَنْ تَعْلَمَ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَيَّامَ حَيْضِهَا الصَّوْمُ، كَمَا حَرُمَتْ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟».

قُلْنَ: بَلَى.

قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَهَذَا أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الفُقَهَاءِ، كَمَا يَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى عِنْدَ شَرْحِ حَدِيثِ: «مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ»: فَأَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّوْمِ عَلَى الحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا.

وَيَقُولُ الإِمَامُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: الحَائِضُ لَا تُصَلِّي؛ وَهَذَا بِالإِجْمَاعِ. اهـ.

وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ فَهُوَ الحَقُّ؛ وَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرَاً﴾.

وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ صَلَاةِ وَصِيَامِ الحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَقَالَ: يَجُوزُ للحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ أَنْ تَصُومَ؛ فَلْيَأْتِ بِالدَّلِيلِ.

لَقَدْ عَلِمَتِ النِّسَاءُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ الصَّوْمُ كَمَا تَحْرُمُ الصَّلَاةُ، مِنْ زَمَنِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى يَوْمِنَا هَذَا، وَمَا ثَبَتَ أَنَّ امْرَأَةً صَامَتْ أَيَّامَ حَيْضِهَا وَنِفَاسِهَا، وَمَا أَحَدٌ قَالَ لَهَا إِنْ صُمْتِ فَهُوَ خَيْرٌ لَكِ، كَمَا قَالَ تعالى في حَقِّ المُسَافِرِينَ: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.

لِذَا يَحْرُمُ عَلَى المَرْأَةِ الحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ الصَّوْمُ، لِقَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟».

ثانياً: اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ قَضَاءِ الصِّيَامِ دُونَ الصَّلَاةِ بِالنِّسْبَةِ للمَرْأَةِ الحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَذَلِكَ للحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَـقْضِي الصَّوْمَ، وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟

فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ (فِئَةٌ مِنَ الخَوَارِجِ كَانُوا يُوجِبُونَ قَضَاءَ الصَّلَاةِ عَلَى الحَائِضِ، وَسُمُّوا بِالحَرُورِيَّةِ نِسْبَةً إلى حَرُورَاءَ).

قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ.

قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ.

وبناء على ذلك:

فَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الصِّيَامِ الطَّهَارَةُ مِنَ الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟». وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الأُمَّةِ.

وَيَجِبُ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصِّيَامِ دُونَ الصَّلَاةِ بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ حَيْضِهَا أَو نِفَاسِهَا، لِقَوْلِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ.

وَقَوْلُهَا: (فَنُؤْمَرُ) مَنْ هُوَ الآمِرُ ذَاكَ الوَقْتِ غَيْرُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

وَمَنْ قَالَ خِلَافَ هَذَا الكَلَامِ فَقَدْ أَعْظَمَ الفِرْيَةَ، وَانْدَرَجَ تَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرَاً﴾.

وَتَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبَاً﴾.

وَتَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
9073 مشاهدة