أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9232 - تائب من الكبائر

22-10-2018 2582 مشاهدة
 السؤال :
إذا كان العبد يرتكب الكبائر، فهل إذا تاب إلى الله تعالى، وصدق في توبته، يدخل الفردوس الأعلى؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9232
 2018-10-22

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمِنْ تَمَامِ فَضْلِ اللهِ تعالى عَلَى عَبْدِهِ أَنَّهُ قَالَ: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.

فَإِذَا صَدَقَ العَبْدُ في تَوْبَتِهِ إلى اللهِ تعالى ـ وَأَعَادَ الحُقُوقَ إلى أَصْحَابِهَا إِذَا كَانَتِ الكَبَائِرُ تَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الآدَمِيِّينَ ـ فَاللهُ تعالى يَقْبَلُ تَوْبَتَهُ، بَلْ يُبَدِّلُ اللهُ تعالى سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهَاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامَاً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانَاً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلَاً صَالِحَاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورَاً رَحِيمَاً * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحَاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتَابَاً﴾.

وَمِنْ أَعْظَمِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ التَّوْبَةُ الصَّادِقَةُ، لِمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «للهُ أَشَدُّ فَرَحَاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ».

فَمَنْ جَاءَ بِأَحَبِّ الأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ وَهِيَ التَّوْبَةُ، فَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يُـبَشِّرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلَاً﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَمَنْ صَدَقَ في تَوْبَتِهِ إلى اللهِ تعالى، وَالتَّوْبَةُ هِيَ مِنْ أَعْظَمِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَإِنْ شَاءَ اللهُ تعالى يَكُونُ التَّائِبُ الصَّادِقُ في الفِرْدَوْسِ الأَعْلَى مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقَاً؛ وَخَاصَّةً إِذَا أَكْثَرَ مِنَ الدُّعَاءِ الذي أَمَرَنَا بِهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ، وَأَعْلَى الجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا في الفِرْدَوْسِ الأَعْلَى مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقَاً. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2582 مشاهدة