أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7133 - التعيير بالذنب

06-01-2016 11936 مشاهدة
 السؤال :
سؤال: أنا وقعت في ذنب من الذنوب، وتبت إلى الله تعالى منه، ولكن هناك من يعيرني بهذا الذنب، وأنا أتألم من ذلك، فماذا عليه وعليَّ أن نفعل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7133
 2016-01-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: روى ابن ماجه عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «التَّائِبُ مِن الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ».

ثانياً: روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ». يَعْنِي: لا يُعَيِّرْ؛ كَمَا قَالَ سَيِّدُنَا يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلامُ لِإِخْوَتِهِ: ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾.

ثالثاً: يَقُولُ ابْنُ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدِرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: رُبَّ مَعْصيَةٍ أَوْرَثَتْ ذُلَّاً وَانْكِسَارَاً، خَيْرٌ من طَاعَةٍ أَوْرَثَتْ عِزَّاً وَاسْتِكْبَارَاً.

رابعاً: عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ جَمِيعَاً أَنَّ السَّوْطَ الذي ضُرِبَ بِهِ العَاصِي حَدَّاً أَو تَأْدِيبَاً هُوَ بِيَدِ اللهِ تعالى مُقَلِّبِ القُلُوبِ، وَقَد قَالَ اللهُ تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئَاً قَلِيلَاً﴾. وَقَالَ يُوسُفُ الصِّدِّيقُ عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾.

وبناء على ذلك:

أولاً: هَنِيئَاً لَكَ بِتَوْبَتِكَ للهِ عزَّ وجلَّ، وَأَرْجُو اللهَ تعالى أَنْ يُبَدِّلَ سَيِّئَاتِنَا وَسَيِّئَاتِكَ حَسَنَاتٍ، وَاصْبِرْ وَاحْتَسِبْ، وهذا من جُمْلَةِ الابْتِلاءِ، وَأَنْتَ مَأْجُورٌ بالصَّبْرِ على تِلْكَ الإِسَاءَةِ من خِلالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾.

ثانياً: أَنْ يَكُونَ هذا المُعَيِّرُ على حَذَرٍ من بَطْشِ اللهِ تعالى بِهِ، لِمَا وَرَدَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الترمذي ـ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَقَالٌ عِنْدَ المُحَدِّثِينَ ـ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْبٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ».

وروى الترمذي ـ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ـ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لِأَخِيكَ، فَيَرْحَمَهُ اللهُ وَيَبْتَلِيكَ».

وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ: البَلَاءُ مُوَكَّلٌ بالقَوْلِ، لَوْ سَخِرْتُ من كَلْبٍ لَخَشِيتُ أَنْ أُحَوَّلَ كَلْبَاً. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
11936 مشاهدة