أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7186 - ﴿وَجَعَلُوا للهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ﴾

21-02-2016 1925 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا للهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7186
 2016-02-21

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى في سُورَةِ الأَنْعَامِ: ﴿وَجَعَلُوا للهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ﴾. يَقُولُ المُفَسِّرُ الكَبِيرُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: هذا رَدٌّ على المُشْرِكِينَ الذين عَبَدُوا مَعَ اللهِ غَيْرَهُ، وَأَشْرَكُوا في عِبَادَةِ اللهِ أَنْ عَبَدُوا الجِنَّ، فَجَعَلُوهُم شُرَكَاءَ اللهِ في العِبَادَةِ، تَعَالَى اللهُ عَنْ شِرْكِهِم وَكُفْرِهِم.

فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ عُبِدَتِ الجِنُّ وَإِنَّمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ؟

فَالجَوَابُ: أَنَّهُم إِنَّمَا عَبَدُوا الأَصْنَامَ عَنْ طَاعَةِ الجِنِّ وَأَمْرِهِم إِيَّاهُمْ بِذَلِكَ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثَاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانَاً مَرِيدَاً * لَعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لأتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبَاً مَفْرُوضَاً * وَلأضِلَّنَّهُمْ وَلأمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيَّاً مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانَاً مُبِينَاً * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورَاً﴾. وقَالَ تعالى: ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي  وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلَاً﴾. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ: ﴿يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيَّاً﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾. وَتَقُولُ المَلَائِكَةُ يَوْمَ القِيَامَةِ: ﴿سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾.

وَمَعْنَى الآيَةِ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وتعالى هُوَ المُسْتَقِلُّ بالخَلْقِ وَحْدَهُ، فَلِهَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْرَدَ بالعِبَادَةِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ.

وبناء على ذلك:

فَالمَقْصُودُ بِالجِنِّ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَجَعَلُوا للهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ﴾. هُمُ الشَّيَاطِينُ من عَالَمِ الجِنِّ، وَقَد رُوِيَ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، أَنَّهُ قَالَ في هَذِهِ الآيَةِ: نَزَلَتْ في الزَّنَادِقَةِ الذينَ قَالُوا: إِنَّ اللهَ تَعَالَى خَالِقُ النَّاسِ، وَالدَّوَابِّ، وَالْأَنْعَامِ، وَالْحَيَوَانِ؛ وَإِبْلِيسَ خَالِقُ السِّبَاعِ، وَالْحَيَّاتِ، وَالْعَقَارِبِ، وَالشُّرُورِ.

وَقَد يَكُونُ المَقْصُودُ بالجِنِّ المَلائِكَةَ الكرَامَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ القَبَائِلِ العَرَبِيَّةِ كَانَتْ تَعْبُدُ الملائِكَةَ، قَالَ تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1925 مشاهدة