أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4214 - نسبة الأفعال للأيام

29-08-2011 37248 مشاهدة
 السؤال :
لقد سمعت من بعض الناس يقول: قضت علينا هذه الأيام قضاء سوء وشؤم، فهل يعتبر هذا اللفظ كفراً، لأن الذي يقضي بالأمور هو الله تعالى؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4214
 2011-08-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن تكفير الناس جريمة كبرى، إذا صدر من غير العلماء المتمكِّنين، وفيه خطورة شديدة، وذلك لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا) رواه مسلم، وفي رواية لمسلم: (أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلا رَجَعَتْ عَلَيْهِ).

لذلك فالذي يحكم في مثل هذه القضايا الخطيرة هم أهل العلم، الذين يعلمون من كتاب الله تعالى، ومن هدي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما لا يعلمه الإنسان العادي. هذا أولاً.

ثانياً: أحياناً يسند الفعل للفاعل، ويسميه العلماء: إسناداً حقيقياً، وأحياناً يسند الفعل لغير الفاعل، ولكن المقصود هو الفاعل الحقيقي، وهذا يسميه العلماء: إسناداً مجازياً.

والأمثلة على ذلك كثيرة في القرآن العظيم، منها:

1ـ قول الله تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ}، وهذا إسناد مجازي، والحقيقة هي ما قاله ربُّنا عز وجل: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}.

2ـ قول الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم}، وهذا إسناد مجازي، والحقيقة هي ما قاله ربُّنا عز وجل: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء}.

3ـ قول الله تعالى عن فرعون: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَاب}، وهذا إسناد مجازي لهامان، والحقيقة أن الذي يبني هم العمال.

4ـ قول الله تعالى: {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا}، فقد نسب الله تعالى إشابة الولدان إلى يوم القيامة، مع أن المشيب الحقيقي هو الله تعالى.

وبناء على ذلك:

فلا حرج من قول: قضت علينا هذه الأيام قضاء سوء وشؤم، وهذا يعتبر من الإسناد المجازي لا الحقيقي.

وكذلك تجدر الإشارة هنا إلى أن أيام الشؤم والسوء التي تمر على الإنسان أو الأمة هي في الحقيقة من شؤم المعاصي والمخالفات، قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِير}. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
37248 مشاهدة