أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

228 - مصافحة المرأة الأجنبية

02-05-2007 9974 مشاهدة
 السؤال :
ما هو حكم مصافحة المرأة من غير المحارم؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 228
 2007-05-02

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَلَا يَجُوزُ مُلَامَسَةُ الرَّجُلِ بَشَرَةَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَنْهُ، وَلَا خِلَافَ في ذَلِكَ عِنْدَ عُلَمَاءِ المُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تَدْعُو إلى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ، كَتَطْبِيبٍ وَفَصْدٍ وَقَلْعِ ضِرْسٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَلَيْسَ مِنَ الضَّرُورَةِ شُيُوعُ العُرْفِ بِمُصَافَحَةِ النِّسَاءِ كَمَا يَتَوَهَّمُ بَعْضُ النَّاسِ، فَلَيْسَ للعُرْفِ سُلْطَانٌ في تَغْيِيرِ الأَحْكَامِ الثَّابِتَةِ بِالكِتَابِ أَو السُّنَّةِ.

فَقَدْ ذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالحَنَابِلَةُ وَالمَالِكِيَّةُ إلى تَحْرِيمِهَا، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى تَحْرِيمِ مُصَافَحَةِ المَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ بِحَدِيثِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: وَاللهِ مَا أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى النِّسَاءِ قَطُّ إِلَّا بِمَا أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى، وَمَا مَسَّتْ كَفُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَفَّ امْرَأَةٍ قَطُّ، وَكَانَ يَقُولُ لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ: «قَدْ بَايَعْتُكُنَّ» كَلَامَاً. رواه البخاري.

وَرُوِيَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ» أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ في الحَدِيثِ عَلَى التَّحْرِيمِ مَا فِيهِ مِنَ الوَعِيدِ الشَّدِيدِ لِمَنْ يَمَسُّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ، وَلَا شَكَّ في أَنَّ المُصَافَحَةَ مِنَ المَسِّ.

وَاسْتَدَلُّوا أَيْضَاً بِالقِيَاسِ عَلَى النَّظَرِ إلى المَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ، فَإِنَّهُ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الفُقَهَاءِ إِذَا كَانَ مُتَعَمِّدَاً، وَكَانَ بِسَبَبٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ. وَوَجْهُ القِيَاسِ أَنَّ تَحْرِيمَ النَّظَرِ لِكَوْنِهِ سَبَبَاً دَاعِيَاً إلى الفِتْنَةِ، وَاللَّمْسُ الذي فِيهِ المُصَافَحَةُ أَعْظَمُ أَثَرَاً في النَّفْسِ، وَأَكْثَرُ إِثَارَةً للشَّهْوَةِ مِنْ مُجَرَّدِ النَّظَرِ بِالعَيْنِ.

وَقَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا: كُلُّ مَنْ حَرُمَ النَّظَرُ إِلَيْهِ حَرُمَ مَسُّهُ، بَلِ المَسُّ أَشَدُّ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ النَّظَرُ إلى أَجْنَبِيَّةٍ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَلَا يَجُوزُ مَسُّهَا.

أَلَا يَكْفِي لِمَنْ أَرَادَ مَعْرِفَةَ حُكْمِ المُصَافَحَةِ للمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ المَحَارِمِ، أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ المَعْصُومُ المَحْفُوظُ الذي يَمْلِكُ إِرْبَهُ ـ أَيْ حَاجَتَهُ ـ مَا مَسَّتْ يَدَهُ يَدَ امْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ؟ وَنَحْنُ الذينَ غُمِسْنَا وَالعِيَاذُ بِاللِه تعالى بِالمُخَالَفَاتِ وَكَثْرَةِ الشَّهَوَاتِ نَقُولُ: مَا وَرَدَ حَدِيثٌ في النَّهْيِ؟

أَلَا يَكْفِينَا هَذَا الوَعِيدُ الشَّدِيدُ في قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ».

أَلَا يَكْفِينَا إِجْمَاعُ الأَئِمَّةِ سَلَفَاً وَخَلَفَاً عَلَى تَحْرِيمِ هَذَا؟ نَسْأَلُ اللهَ العِصْمَةَ وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. آمين آمين آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
9974 مشاهدة