أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

592 - حكم الهدايا التي يقدمها الخاطب لمخطوبته

17-10-2007 59323 مشاهدة
 السؤال :
تم عقد زواج على فتاة، وقبل عقد الزواج قدم لها هدية - قطعة من ذهب - وبعد الزواج قدم لها الخاطب قطعة ذهبية غالية الثمن، وبعد فترة من العقد وقبل الدخول، أرسل إليها أن ترد إليه الذهب كاملاً، لأنه يريد طلاقها، فهل الذهب من حقه وله استرداده، وماذا تستحق المرأة من المهر؟ وهل تجب عليها العدة بعد الطلاق؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 592
 2007-10-17

أولاً: الهدية التي يقدمها الخاطب لمخطوبته قبل العقد عليها تجري عليها أحكام الهبة، ويصح للواهب أن يرجع في هبته بعد أن تقبضها المخطوبة قبل عقد الزواج، وإن تم الرجوع بها بعد عقد الزواج، ولكن مع الكراهة، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس لنا مثل السوء: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه)، هذا ما لم يمنع مانع من الرجوع فيها، وهذا عند السادة الحنفية.

أما عند السادة الشافعية: فالهدية التي يقدمها الخاطب لمخطوبته متعلقة بنيته، فإن نواها هدية مطلقة، فلا يحق له الرجوع فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العائد في هبته كالعائد في قيئه).

وإن نواها بشرط إتمام الزواج وكان العدول منه فلا يجوز له أن يرجع فيها بعد العدول، وإن كان العدول منها فله أن يسترد هديته.

وبناء على ذلك:

عند السادة الحنفية: يحق له الرجوع في هبته التي قدمها قبل العقد سواء كان الرجوع قبل العقد أم بعده، لأنهم قالوا: يبطل حق الرجوع في الهبة بأمور منها: الزوجية، وعليه فإذا وهب الزوج لزوجته شيئاً بعد العقد عليها فإنه لا يصح له الرجوع فيه، أما إذا وهب لها قبل أن يعقد عليها، ثم عقد عليها فله الرجوع مع الكراهة. هذا ما لم يمنع مانع من الرجوع فيها، مثل هلاكها أو استهلاكها، أو خروجها عن ملك الموهوب له، أو زيادتها عنده زيادة مؤثرة كقطعة قماش خاطتها ثوباً، ففي هذه الأحوال يمتنع عليه الرجوع فيها، واللائق بالكرام أن لا يرجعوا في هديتهم، وخاصة إذا كان العدول منهم. أما ما قدمه الزوج لزوجته بعد عقد الزواج فلا يحق له الرجوع فيه.

ثانياً: أما ما تستحقه المرأة من مهر إذا أراد الزوج طلاقها قبل الدخول فإنه يُنظر:

إذا خلا بزوجته بعد العقد في مكان يتمكن من معاشرتها بحيث يأمن من دخول أحد عليهما، وليس بأحد الزوجين مانع طبيعي أو شرعي من الاتصال الجنسي، فإن هذه الخلوة تعتبر كالدخول في حق تأكد المهر، ويتأكد عندها المهر كاملاً، وهذا مذهب الحنفية والحنبلية. وذلك لقوله تعالى: {وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهنَّ قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً * وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً} ولما روى الدارقطني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كشف خمار امرأته، ونظر إليها، فقد وجب الصداق دخل أم لم يدخل).

أما إذا لم تتحقق شروط الخلوة الصحيحة، وأراد الزوج طلاق زوجته، فإنها تستحق نصف المهر (المعجل والمؤجل). وذلك لقوله تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضةً فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير}.

ثالثاً: أما فيما يتعلق بالعدة: فإذا تمت الخلوة الصحيحة بينهما بعد العقد الصحيح وجبت العدة عليها بعد طلاقها عند الحنفية والمالكية والحنابلة، لما روي عن زرارة بن أبي أوفى أنه قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أنه إذا أرخى الستور وأغلق الباب، فلها الصداق كاملاً، وعليها العدة، دخل بها أم لم يدخل، أما إذا لم تكن خلوة بينهما فلا عدة عليها وذلك لقول الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها وسرحوهن سراحاً جميلاً}. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
59323 مشاهدة