أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5591 - نصيحة في أيام الشدائد تتعلق باللسان

12-10-2012 56847 مشاهدة
 السؤال :
نحن نعيش اليوم أيام شدة وقسوة، فهل من نصيحة صادقة تتعلق باللسان؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5591
 2012-10-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فخيرُ نصيحةٍ تتعلَّقُ باللسانِ في أيَّامِ الشَّدائِدِ والمِحَنِ والهَرجِ هي ما أُخِذَت من كلامِ سيِّدنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ومن جملةِ هذهِ الأحاديثُ الشريفة:

أولاً: جاء في صحيح الإمام البخاري عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ، أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ».

ثانياً: جاء في صحيح الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، سَمِعَ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ».

ثالثاً: جاء في سنن ابن ماجه عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال له: « ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يُكِبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ».

رابعاً: جاء في سنن الترمذي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ فَتَقُولُ: اتَّقِ اللهَ فِينَا، فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ، فَإِن اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وَإِن اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا». ومعنى «تُكَفِّرُ اللِّسَانَ» كما جاء في تحفة الأحوذي: بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَكْسُورَةِ، أَيْ تَتَذَلَّلُ وَتَتَوَاضَعُ لَهُ مِنْ قَوْلِهِمْ كَفَّرَ الْيَهُودِيُّ إِذَا خَضَعَ مُطَأْطَأً رَأْسُهُ وَانْحَنَى لِتَعْظِيمِ صَاحِبِهِ كَذَا قِيلَ.

وبناء على ذلك:

أذكِّرُ نفسي وأذكِّرُ السَّائلَ والقارئَ بحديثِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى» قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى». وبقولِ الله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾.

ثمَّ أقولُ: إنَّ المطلوبَ من الأمَّةِ في أيَّامِ الشَّدائِدِ والمِحَنِ والهَرجِ هوَ التَّقوى، لأنَّ اللهَ تعالى يقولُ: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾. ويقولُ: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً﴾. ومن أعظمِ التَّقوى حِفظُ اللِّسانِ إلا عن الخيرِ، ورحمَ اللهُ الإمامَ الشافعي الذي قالَ:

إذا شِئـتَ أن تحـيا ســليماً من الأذى     ***     وحَظُّكَ موفُورٌ وعِرْضُكَ صَيّنُ

لِسَانَــكَ، لا تـذكُرْ بـه عَوْرَةَ امِرىءٍ     ***     فكلُّكَ عَوْرَاتٌ ولِلنَّاس أَلــسُنُ

وعَينُـكَ، إن أبدَتْ إلـيكَ مَـساوئاً      ***     فَصُنهَا وقُل ياعينُ للناسِ أعـينُ

وعَاشِرْ بمَعْرُوفٍ وسامِحْ مَنِ اعتَدى    ***     وفارقْ ولكنْ بالتي هي أحْـسَنُ

أسألُ اللهَ تعالى أن يُوفِّقَنا لِكفِّ اللِّسانِ عن الشَّرِّ والكَذِبِ والإشاعاتِ والإرجافِ، وأن لا نقولَ إلا خيراً، وأن يكشِفَ الغُمَّةَ عن هذهِ الأمَّةِ، وأن يحقِنَ دِماءها ويستُرَ أعراضَها ويُؤمِّنَ روعاتِها ويجمعَ شَملَها على الكتابِ والسُّنَّةِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
56847 مشاهدة