أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9261 - قرأ القرآن في ركعة

02-11-2018 2503 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأن سيدنا عثمان رَضِيَ اللهُ عَنهُ قرأ القرآن كله في ركعة واحدة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9261
 2018-11-02

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: الوَقْتُ وَالزَّمَانُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ تَبَارَكَ وتعالى، وَقَدْ يُبَارِكُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في الوَقْتِ لِبَعْضِ خَلْقِهِ، فَيَقُومُونَ بِالعَمَلِ الكَثِيرِ في وَقْتٍ قَلِيلٍ مِنْ حَيْثُ الحِسَابُ، وَلَكِنَّهُ كَثِيرٌ مِنْ حَيْثُ البَرَكَةُ.

رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ القَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ، وَيَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، وَكَمَا أَنَّ الحَقَّ سُبْحَانَهُ وتعالى يُبَارِكُ في الوَقْتِ كَذَلِكَ قَدْ يَنْزِعُ البَرَكَةَ مِنَ الوَقْتِ بِسَبَبِ الذُّنُوبِ، روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَتِ السَّنَةُ بِأَنْ لَا تُمْطَرُوا، وَلَكِنِ السَّنَةُ أَنْ تُمْطَرُوا وَتُمْطَرُوا، وَلَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ شَيْئَاً».

وروى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ ـ وَهُوَ القَتْلُ القَتْلُ ـ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ». وَهَذَا التَّقَارُبُ يَعْنِي ذَهَابَ البَرَكَةِ مِنَ الوَقْتِ.

ثانياً: جَاءَ في كِتَابِ الاسْتِذْكَارِ: كَانَ عُثْمَانُ وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ وَعَلْقَمَةُ وَغَيْرُهُمْ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي رَكْعَةٍ؛ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَجَمَاعَةٌ يَخْتِمُونَ الْقُرْآنَ مَرَّتَيْنِ وَأَكْثَرَ فِي لَيْلَةٍ.

وَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ بِأَنَّ سَيِّدَنَا عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ مِنَ المُقَرَّبِينَ عِنْدَ اللهِ تعالى، فَمَا هِيَ الغَرَابَةُ إِذَا بَارَكَ اللهُ تعالى لَهُ في الوَقْتِ، فَقَرَأَ القُرْآنَ الكَرِيمَ كُلَّهُ في رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ؟

وَكَانَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى يَخْتِمُ القُرْآنَ في شَهْرِ رَمَضَانَ سِتِّينَ مَرَّةً.

جَاءَ في تَارِيخِ دِمَشْقَ لِابْنِ عَسَاكِرَ، قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ الشَّافِعِيُّ يَخْتِمُ في كُلِّ لَيْلَةٍ خَتْمَةً، فَإِذَا كَانَ في شَهْرِ رَمَضَانَ خَتَمَ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهَا خَتْمَةً، وَفي كُلِّ يَوْمٍ خَتْمَةً، فَكَانَ يَخْتِمُ في شَهْرِ رَمَضَانَ سِتِّينَ خَتْمَةً.

وروى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ  قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فِي الْكَعْبَةِ فِي رَكْعَةٍ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ سَيِّدَنَا عُثْمَانَ وَتَمِيمَ الدَّارِيَّ وَعَلْقَمَةَ وَغَيْرَهُمْ كَانُوا يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي رَكْعَةٍ.

وَلَا غَرَابَةَ في ذَلِكَ، لِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى كَانَ يُبَارِكُ لَهُمْ في الوَقْتِ، فَيَأْتُونَ فِيهِ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2503 مشاهدة