أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7979 - شراء البضائع المسروقة

20-04-2017 5768 مشاهدة
 السؤال :
ما حكم الشرع الـشريف في شراء البضائع الـمسروقة، وخاصة إذا كان المشتري فقيراً وبحاجة إليها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7979
 2017-04-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اسْمَعُوا مِنِّي تَعِيشُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، إِنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عَمِّهِ.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اشْتَرَى سَرِقَةً، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا سَرِقَةٌ، فَقَدْ شُرِكَ فِي عَارِهَا وَإِثْمِهَا» رواه الحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سُرِقَ مِنَ الرَّجُلِ مَتَاعٌ، أَوْ ضَاعَ لَهُ مَتَاعٌ، فَوَجَدَهُ بِيَدِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَيَرْجِعُ المُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ» رواه الإمام أحمد عَنْ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمَاً أَوْ مَظْلُومَاً».

فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومَاً، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمَاً كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟

قَالَ: «تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثانياً: لَا خِلَافَ بَيْنَ الفُقَهَاءِ في وُجُوبِ رَدِّ المَسْرُوقِ إلى صَاحِبِهِ إِنْ كَانَ قَائِمَاً، سَوَاءٌ كَانَ السَّارِقُ مُوسِرَاً أَو مُعْسِرَاً، وَسَوَاءٌ أُقِيمَ عَلَيْهِ الحَدُّ أَو لَمْ يُقَمْ، وَسَوَاءٌ وُجِدَ المَسْرُوقُ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ.

وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَدَّ عَلَى صَفْوَانَ رِدَاءَهُ، وَقَطَعَ سَارِقَهُ.

روى أبو داود عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: كُنْتُ نَائِمَاً فِي المَسْجِدِ عَلَيَّ خَمِيصَةٌ (رِدَاءٌ) لِي ثَمَنُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمَاً، فَجَاءَ رَجُلٌ فَاخْتَلَسَهَا مِنِّي، فَأُخِذَ الرَّجُلُ، فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِهِ لِيُقْطَعَ.

قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: أَتَقْطَعُهُ مِنْ أَجْلِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمَاً، أَنَا أَبِيعُهُ وَأُنْسِئُهُ ثَمَنَهَا؟

قَالَ: «فَهَلَّا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ».

وروى الإمام أحمد عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ».

وبناء على ذلك:

أولاً: لَا يَجُوزُ شِرَاءُ البَضَائِعِ المَسْرُوقَةِ حَتَّى وَلَو سُرِقَتْ مِنْ كَافِرٍ، لِمَا في ذَلِكَ مِنْ ظُلْمٍ للنَّاسِ، وَإِقْرَارٍ للمُنْكَرِ، وَتَعَاوُنٍ عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ.

ثانياً: يَجِبُ رَدُّ البَضَائِعِ المَسْرُوقَةِ إلى أَصْحَابِهَا إِذَا عُرِفُوا.

ثالثاً: مَنِ اشْتَرَى بِضَاعَةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا مَسْرُوقَةٌ، أَو غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا مَسْرُوقَةٌ، كَانَ آثِمَاً، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ إلى اللهِ تعالى، وَمِنْ تَمَامِ تَوْبَتِهِ إِعَادَةُ البَضَائِعِ إلى أَصْحَابِهَا، وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلى البَائِعِ لِأَخْذِ الثَّمَنِ الذي دَفَعَهُ.

رابعاً: مَنِ اشْتَرَى بِضَاعَةً مِنْ غَيْرِ السَّارِقِ، وَعَلِمَ أَنَّ البِضَاعَةَ مَسْرُوقَةٌ، أَو غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا مَسْرُوقَةٌ، فَلَا تَحِلُّ لَهُ، لِأَنَّ البَائِعَ لَيْسَ مَالِكَاً لَهَا شَرْعَاً، وَلَا مَأْذُونَاً لَهُ شَرْعَاً في بَيْعِهَا، بَل كَانَ مِنَ الوَاجِبِ عَلَيْهِ أَنْ يَرَدُّهَا إلى صَاحِبِهَا.

خامساً: إِذَا عَلِمَ الإِنْسَانُ أَنَّ البِضَاعَةَ مَسْرُوقَةٌ، وَعَرَفَ صَاحِبَهَا، فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنَ السَّارِقِ لِيَرُدَّهَا إلى صَاحِبِهَا، فَلَا بَأْسَ في ذَلِكَ إِذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ البِضَاعَةَ مِنَ السَّارِقِ إِلَّا بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ.

سادساً: وَكَذَلِكَ إِذَا عَلِمَ الإِنْسَانُ أَنَّ البِضَاعَةَ المَسْرُوقَةَ هِيَ لَهُ يَقِينَاً، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ اسْتِردَادِهَا، فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا.

وَأَخِيرَاً: مَنْ عَلِمَ أَنَّ البِضَاعَةَ مَسْرُوقَةٌ، أَو غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا مَسْرُوقَةٌ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ شِرَاؤُهَا، سَوَاءٌ كَانَ غَنِيَّاً أَو فَقِيرَاً، حَتَّى لَا يَكُونَ عَوْنَاً للظَّالِمِ عَلَى ظُلْمِهِ، وَحَتَّى لَا يَكُونَ عَوْنَاً لِآكِلِ الحَرَامِ عَلَى أَكْلِ الحَرَامِ؛ فَمِنْ تَمَامِ الرَّحْمَةِ بِالسَّارِقِ أَنْ لَا تَشْتَرِيَ مِنْهُ المَسْرُوقَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
5768 مشاهدة