أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4790 - بعد ثمانين عاماً يطالب بالأرض

14-01-2012 10724 مشاهدة
 السؤال :
رجل ورث أرضاً عن أبيه، الذي ورثها عن أبيه، وهو عن أبيه، ومضى على هذا الأمر ثمانون عاماً، ثم تبيَّن بأنَّ الأرض مسجَّلة في السجل العقاري باسم رجل آخر، فجاء ورثة الرجل يطالبون بالأرض، فلمن تكون الأرض؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4790
 2012-01-14

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: فقد ذكر الفقهاء بأنَّ الحيازة نوعٌ من أنواع التملُّك، وبها تثبت الملكية إذا لم يكن هناك مُنازع، وكانت عن طريقٍ مشروع، لأنَّ الأصل أنَّ الإنسان يتصرَّف فيما يملكه بوجهٍ شرعيٍّ، فساكنُ الدار، وسائق الأرض، وصاحب المحل، وزارع الأرض وفالحها في الغالب يملكون ما يتصرَّفون فيه.

كما ذكر الفقهاء بأنَّ الحيازة تكون بنوعٍ من الأنواع الآتية:

1ـ في العقار: السكنى، وفي المنقول: الركوب في الدواب.

2ـ النوع المتوسِّط في العقار: الهدم والبناء فيما لا يحتاج إليه لبقاء الأصل، والغرس للأشجار، وفي المنقول: الاستغلال، وهو الإيجار.

3ـ النوع الأقوى: التفويت بالبيع والهبة والصدقة وما أشبه ذلك ممَّا لا يفعله الرجل إلا في ماله.

ثانياً: الحقُّ لا يسقط بتقادم الزمان، فلو وضع شخص يده على دارٍ أو أرضٍ أو غيرهما مدة، سواء طالت المدة أو قصرت، وهو معترف بأنها ملك فلان، فإنَّه يؤمر بردِّها إليه إذا طلب فلان ذلك.

وإذا كان منكراً أنَّها ملك فلان، وفلان يدَّعي أنَّها ملكه، فإنه يُنظر: إذا كان مضى على وضع اليد خمس عشرة سنة فأكثر، فلا تُسْمَع دعوى المدَّعي قضاءً، وإذا مضى على وضع اليد ثلاثون سنة، فلا تُسْمَع دعوى المدَّعي شرعاً، وهذا ما نصَّ عليه فقهاء الحنفية ـ الموسوعة الفقهية الكويتية، مصطلح تقادم  ـ.

وهناك حالاتٌ يُسْمَع فيها للدَّعوى بعد مرور المدة الطويلة، كما جاء في مجلة الأحكام العدلية: من الأعذار التي يباح معها سماع الدَّعوى بعد مدة خمس عشرة سنة: الصِّغر، والجنون، والغيبة عن البلد الذي فيه موضوع النزاع مدة السفر، أو كون خصمه من المتغلِّبة بأن كان أميراً جائراً، فذلك عذر يبيح للمدَّعي السكوت عن رفع الدَّعوى، ولا تبتدئ المدة حتى يزول الجور ولو طال الزمن.

وبناءً على ذلك:

فالأرض لمن ورثها عن أبيه عن أبيه عن أبيه بالتقادم، وليست لمن يدَّعي ملكيَّتها بحسب التسجيل الرَّسمي، لأنَّ التسجيل في السجل العقاري ليس شرطاً من شروط صحة البيع شرعاً، ومن المعلوم أنَّ الكثير من الناس وخاصَّةً في الآباء والأجداد كانوا يثقون ببعضهم البعض، ويؤمِّن بعضهم بعضاً، وخاصَّةً في مسألة الأراضي التي ما كانت لها القيمة الشرائية كما هي اليوم. هذا من جانب.

ومن جانب آخر، هؤلاء الذين يتصرَّفون في الأرض طيلة هذه المدة قرابة قرنٍ من الزمان، أين كان ورثة الذين تبيَّن تسجيل الأرض باسم جدهم؟ هل كانوا في سفر طوال هذه المدة؟ هل واضع اليد على الأرض أمير أو حاكم أو ظالم أو جائر؟ هل هناك مانع كان يمنعهم من طلب الأرض؟

فالأرض لمن هي في حيازتهم عن طريق الإرث، ويجب على الطرف الثاني أن يقوموا بالتنازل عنها في السجل العقاري. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
10724 مشاهدة