أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

2212 - أنعم الله عليه بالجمال فيعجب بنفسه

28-07-2009 76176 مشاهدة
 السؤال :
أنا شاب أنعم الله عليَّ بنعمة الصحة والعافية والجمال، غير أني أعجب بنفسي، وأهتم بالتزيُّن والتجمُّل، وربما جرَّني هذا إلى الاستعلاء على الآخرين، فهل أعتبر من المتكبِّرين؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 2212
 2009-07-28

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فتذكَّر يا أخي قول الله عز وجل: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ}، وأيُّ نعمة يسبغها الله تعالى على عبده هي اختبار وفتنة له، كما قال تعالى حكاية عن سيدنا سليمان عليه السلام عندما رأى عرش بلقيس بين يديه: {قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ}. هذا أولاً.

ثانياً: العجب والتكبر ذمَّه الله تعالى في القرآن العظيم، وذمَّه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف، قال تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِين}.

وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث مهلكات: شحٌّ مُطاع، وهوى متَّبع، وإعجاب المرء بنفسه) رواه البيهقي في الشعب والطبراني في الأوسط.

وقال صلى الله عليه وسلم: (لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر منه العجب) رواه البزار والقضاعي في مسند الشهاب. فالعجب والتكبُّر من أكبر الذنوب.

ثالثاً: يجب على العبد المُنعَم عليه أن يعلم بأن النعمة عرضة للزوال في كل لحظة من اللحظات، وذلك لقوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ}، والعجيب في الإنسان أن يُعجب بنفسه وينسى أصل خلقه، وآخر ما يصير إليه في الدنيا، فأوله نطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة، وهو يحمل العَذِرة.

وأخيراً أقول لك يا أخي الكريم: إذا كنت تُعجَب بالنعمة التي أسبغها الله عليك وتكبَّرت بها على خلق الله عز وجل، ونسيت المنعِم لا قدر الله فقد عرَّضت النعمة للزوال، وسوف تندم لا قدر الله ولا ينفعك الندم، فعوضاً عن الاستعلاء ليكن التواضع وشكر الله تعالى على هذه النعمة.

وأذكر لك أخيراً كلام العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى وهو يتحدَّث عن هذا فيقول: العُجب فرحة في النفس بإضافة العمل إليها وحمدها عليه، مع نسيان أن الله هو المنعِم به والمتفضِّل بالتوفيق إليه، ومن فرح بذلك لكونه منَّة من الله تعالى واستعظمه، لما يرجو عليه من ثوابه، ولم يضفه إلى نفسه ولم يحمدها عليه، فليس بمعجب. اهـ.

ضع نفسك في هذا الميزان، واشكر الله تعالى على هذه النعمة، ولا تعرِّضها للزوال، اللهم اجعلنا من الشاكرين لنعمك علينا، وشكرك نعمة منك علينا، فلك الحمد ولك الشكر يا ربَّنا. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
76176 مشاهدة