16ــ العهد الرابع: التعلُّم والتعليم(3)

16ــ العهد الرابع: التعلُّم والتعليم(3)

 

مقدمة الدرس:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول الإمام سيدي الشيخ عبد الوهاب الشعراني رحمه الله تعالى في العهد الرابع:

(واعلم أنَّ الشارع صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما نوَّع العباداتِ المتفاضلةَ في الأجرِ إلا لعلمه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بحصول المللِ للعاملينَ ولو في الأمور الواجبة، فإذا حصل المللُ فيها انتقلوا إلى واجب آخر، أو إلى ذلك الأمر المفضول، فإذا حصل الملل منه كذلك انتقلوا لمفضولٍ آخرَ أو فاضلٍ أو أفضلَ ما لم يجدوا في نفوسهم مللاً فيه.

فَعُلِمَ أنَّ سببَ تَنَوُّعِ المأمورات إنما هو وجودُ الملل فيها إذا دامت، فلو تصور أن إنساناً لم يملَّ من الواجبات، أو مما هو أفضل، لأَمَرَهُ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بملازمتها وتركِ الأمورِ المفضولةِ جملةً، لأنه ما تقرَّب المتقرِّبون إلى الله تعالى بمثل أداء ما افترضه عليهم، ولكن لما كان يحصل لهم من الملل في الواجبات، حتى لا يبقى في نفس العامل داعيةٌ ولا خشوعٌ ولا لذةٌ بتلك العبادات، كان العملُ المفضولُ الذي له فيه داعيةٌ ولذَّةٌ وخشوعٌ أتمَّ وأكمل) اهـ.

أقول أيها الإخوة الكرام:

لقد شرع الله تعالى لعباده العبادات ونوَّعها لهم، ليأخذوا من كلِّ نوعٍ منها نصيباً، حتى لا يملُّوا من نوع واحد من العبادات، لأنهم إذا ملُّوا العبادةَ تركوها، ومن ترك العبادة شقي وخاب وخسر في الدنيا وفي الآخرة.

يقول الله تبارك وتعالى: {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا}. فمن مظاهر الرحمة أن الحقَّ تبارك وتعالى خفَّف ونوَّع العبادات، وما ذاك إلا لضعف الإنسان، كما يقول سيدنا الحسن البصري رضي الله عنه: مِسْكِينُ ابْنُ آدَمَ مَحْتُومُ الأجَلِ، مَكْتُومُ الأمَلِ، مَسْتُورُ الْعِلَلِ؛ يَتَكَلَّمُ بِلَحْمٍ، وَيَنْظُرُ بِشَحْمٍ، وَيَسْمَعُ بِعَظْمٍ؛ أَسِيرُ جُوعِهِ، صَرِيعُ شِبَعِهِ؛ تُؤْذِيهِ الْبَقَّةُ، وَتُنْتِنُهُ الْعَرَقَةُ، وَتَقْتُلُهُ الشَّرْقَةُ؛ لاَ يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ ضَرًّا، وَلاَ نَفْعًا وَلاَ مَوْتًا، وَلاَ حَيَاةً، وَلاَ نُشُورًا.

درجات العبادة:

أيها الإخوة الكرام: من فضل الله علينا تنويع العبادات، وأنه لم يجعلها درجة واحدة، فمن العبادات:

أولاً: الفرض أو الواجب، وهو ما طلب الشارع من المؤمن فعلَه على وجه الحتم والإلزام، ورتَّب ربُّنا عز وجل لفاعله الثواب، وحذَّر تاركه من العقاب، ومن جملة ذلك الصلوات الخمس، وصيام شهر رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً في العمر مرة واحدة، وإخراج الزكاة.

ثانياً: السنة المؤكدة، وهي ما طلب الشارع من المؤمن فعلَها على وجه التأكيد، فيثاب فاعلها، ولكن لا يستحقُّ تاركها العقاب، ولكن يُلام ويُعاتب.

ثالثاً: السنة غير المؤكدة أو المندوب، وهو ما طلب الشارع من المؤمن فعله طلباً غير محتوم، فيثاب فاعله ويُحمد، ولا يُذمُّ تاركه ولا يُلام ولا يُعاتب.

فمن مظاهر رحمة الله تعالى: أنه ألزمنا بالفرائض، وهي ضمن دائرة الوسع، قال تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}. ثم فتح لنا أبواب النوافل ونوَّعها، وطلب منا فعلَها على قدر الاستطاعة، حتى نكون محبوبين عنده تبارك وتعالى. جاء في الحديث القدسي الصحيح الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه. قال: قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: (إِنَّ اللَّه تعالى قال: وما تقرَّبَ إِلَيَ عبْدِي بِشْيءٍ أَحبَّ إِلَيَ مِمَّا افْتَرَضْت عليْهِ؛ وما يَزالُ عبدي يتقرَّبُ إِلى بالنَّوافِل حَتَّى أُحِبَّه، فَإِذا أَحبَبْتُه كُنْتُ سمعهُ الَّذي يسْمعُ به، وبَصره الذي يُبصِرُ بِهِ، ويدَهُ التي يَبْطِش بِهَا، ورِجلَهُ التي يمْشِي بها، وَإِنْ سأَلنِي أَعْطيْتَه، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَّنه).

لكلِّ عمل أثر وجزاء:

أيها الإخوة الكرام: إن الغاية من خلق الإنسان معلومةٌ عند الجميع، وذلك من خلال قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون}. والعبادة اسم يجمع كلَّ الأقوال والأعمال التي يحبُّها الله تعالى ويرضاها، والمسلم في هذه الحياة الدنيا يعلم حقاً أنه عبد لله تعالى، وهو يسعى في تحقيق العبودية ليكون عبداً لربه حقاً، فشرَفُه وفَضْلُه كونه عبداً حقاً لله تعالى، يمتثل الأوامر ويجتنب النواهي، ويقف عند الحدود، وينفِّذ الفرائض.

ومن مظاهر الرحمة تنويع العبادة خشية حصول الملل من العابد، كما يقول سيدي الشعراني رحمه الله تعالى: (فإذا حصل الملل فيها انتقلوا إلى واجب آخر، أو إلى ذلك الأمر المفضول). وما ذاك إلا للمحافظة على لذَّة العبادة والخشوع فيها.

من صور العبادات:

أيها الإخوة الكرام: بوسع العبد المؤمن أن يجعل جميع تصرفاته القولية والفعلية عبادةً لله تعالى، إذا قصد بها وجه الله تعالى، وخاصةً فيما يتعلق بنشاط المؤمن في جانبٍ من الجوانب، ومن جملة ذلك:

أولاً: هناك بعض الناس نفوسهم متعلِّقة ببرِّ آبائهم وأمَّهاتهم، وخدمتهم وطاعتهم فيما فيه طاعة الله عز وجل، وهو يسهر على راحتهم ويحبُّ طول أعمارهم، ويتقرَّب إلى الله تعالى بحبهم ورضاهم، فهذا له أجر المجاهد في سبيل الله تعالى، (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ، فَقَالَ: أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ) رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ثانياً: هناك بعض الناس تعلَّقت نفوسهم بصلة الآخرين من أهل الإيمان، فهو يتبع الجنائز، ويطعم المسكين، ويعود المريض، فهذا يدخل الجنة بإذن الله تعالى من أيِّ الأبواب شاء، جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَا؛ قَالَ: فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَا؛ قَالَ: فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَا؛ قَالَ: فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَا؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلا دَخَلَ الْجَنَّةَ).

ثالثاً: هناك بعض الناس تعلَّقت نفوسهم في خدمة الصالح العام للأمة، من حيث الزراعة، وإماطة الأذى عن الطريق، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إِلا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَتْ الطَّيْرُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَلا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إِلا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ). وفي حديث آخر رواه النسائي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، أَعْلاهَا شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ).

رابعاً: هناك بعض الناس تعلَّقت نفوسهم بخدمة اليتامى، وهؤلاء تلين قلوبهم، ويدركون حوائجهم، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ يشكو قسوة قلبه، قال: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، يلن قلبك، وتدرك حاجتك).

خامساً: هناك من الناس من نفوسهم تعلَّقت بكثرة ذكر الله، وكثرة صلاة النافلة، وخاصة صلاة الضحى بعد أن يصلوا الفجر في جماعة، ثم يجلسون يذكرون الله تعالى حتى تطلع الشمس، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الطبراني عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وعُتْبَةَ بن عَبْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ كَانَ يَقُولُ: (مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي مَسْجِدٍ جَمَاعَةً، ثُمَّ مَكَثَ حَتَّى يُسَبِّحَ تَسْبِيحَةَ الضُّحَى، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ تَامٍّ لَهُ حَجَّتُهُ وَعُمْرَتُهُ) وفي رواية: (مَنْ صَلَّى صَلاةَ الصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ ثَبَتَ فِي الْمَسْجِدِ يُسَبِّحُ اللَّهَ سُبْحَةَ الضُّحَى، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ تَامًّا لَهُ حَجَّتُهُ وَعُمْرَتُهُ).

سادساً: هناك بعض الناس تعلقت نفوسهم بتعلُّم العلم وتعليمه مع الإخلاص لله تعالى في ذلك، هؤلاء يقول فيهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (يَا أَبَا ذَرٍّ لأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِئَةَ رَكْعَةٍ، وَلأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ بَابًا مِنْ الْعِلْمِ، عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ) رواه ابن ماجه عن أبي ذر رضي الله عنه.

خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:

أيها الإخوة الكرام: علينا جميعاً بالمحافظة على فعل الطاعات والقُرُبات الواجبة والنافلة، وكلما ملَّ واحد منا من نافلة انتقل إلى نافلة أخرى، وليجعل كلُّ واحد منا فترته في طاعة، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: (إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ، فَمَنْ كَانَتْ شِرَّتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ).

يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في هذا الحديث الشريف بأنَّ هناك من العباد من تكون عندهم شرَّةٌ في العبادات، أي قوة وصلابة وممارسة وحرصٌ عليها، فبيَّن لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بأنه يجب أن تكون شرَّتهم إلى سنته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، لأنهم مهما بلغوا من القوة والحرص على الالتزام لن يكونوا كسيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

لهذا أنكر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على الرهط الذين سألوا عن عبادة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، روى البخاري عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: (جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا؛ وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلا أُفْطِرُ؛ وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ؛ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي).

فاجعل قوَّتك في الطاعة منضبطة بضوابط الاتباع لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، لأنك عبد ضعيف وقد تغترُّ في الطاعة، وربما لا قدَّر الله تعالى أن تنتقل بعد الصلابة في الطاعة إلى معصيةٍ فتهلك، ومن هذا المنطلق يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ) رواه الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنهما.

فاحرص على الفرائض والواجبات، ثم تنقَّل بين النوافل الفاضلة والمفضولة لتحافظ على الخشوع واللذة في العبادات.

فلله الحمد والمنَّة أن لوَّن لنا العبادات، حتى جعل النوم عبادةً لمن نوى به التقوى على طاعة الله عز وجل، ولهذا يقول الإمام الشعراني رحمه الله تعالى:

(وقد كان الإمام الشافعي رضي الله عنه يقسم الليل ثلاثة أجزاء، جزءاً ينام فيه، وجزءاً يطالع الحديث ويستنبط، وجزءاً يتهجَّد فيه. وكان يقول: لولا مذاكرة الإخوان في العلم، والتهجُّد في الليل، ما أحببت البقاء في هذه الدار).

اللهم وفِّقنا لمتابعة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في سائر أحوالنا مع الإخلاص. آمين.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، سبحان ربك رب العزة عمَّا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

**     **     **

 

الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مقتطفات من كتاب العهود المحمدية للشعراني

05-12-2011 64811 مشاهدة
23ــ العهد الثامن: إكرام العلماء

يقول الإمام سيدي الشيخ عبد الوهاب الشعراني رحمه الله تعالى في العهد الثامن: (أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن نكرم العلماء، ونجلَّهم ونوقرَهم، ولا نرى لنا قدرة على مكافأتهم، ولو أعطيناهم جميع ما نملك، أو خدمناهم ... المزيد

 05-12-2011
 
 64811
12-10-2011 60417 مشاهدة
22ــ العهد السابع: مجالسة العلماء

أخذ علينا العهد العام من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن لا نخليَ نفوسَنا من مجالسة العلماء ولو كنا علماء، فربَّما أعطاهم الله تعالى من العلم ما لم يعطنا. ... المزيد

 12-10-2011
 
 60417
05-10-2011 57559 مشاهدة
21ــ العهد السادس: فوائد تبليغ الحديث الشريف(3)

ومنها ـ أي من فوائد تبليغ حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ـ وهو أعظمها فائدة: الفوزُ بدعائه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لمن بلَّغ كلامه إلى أُمَّته ... المزيد

 05-10-2011
 
 57559
28-09-2011 56430 مشاهدة
20ــ العهد السادس: فوائد تبليغ الحديث الشريف(2)

نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لا فِقْهَ لَهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ... المزيد

 28-09-2011
 
 56430
21-09-2011 56669 مشاهدة
19ــ العهد السادس: فوائد تبليغ الحديث الشريف(1)

أُخِذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أن نُسمع الناسَ الحديثَ إلَّا كلِّ قليل ... المزيد

 21-09-2011
 
 56669
06-07-2011 57981 مشاهدة
18ــ العهد الخامس: الرحلة في طلب العلم(2)

مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ... المزيد

 06-07-2011
 
 57981

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3154
المكتبة الصوتية 4763
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411982082
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :