28ـ نحو أسرة مسلمة: معالجة ظاهرة السرقة عند الأولاد(2)

28ـ نحو أسرة مسلمة: معالجة ظاهرة السرقة عند الأولاد(2)

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

خلاصة الدرس السابق:

فقد تكلمنا في الدرس الماضي عن ظاهرة السرقة في المجتمع، والتي انتشرت بين الأطفال بسبب انتشارها بين الكبار، لأنَّ الصغارَ ينظرون إلى الكبار، والضعفاءَ ينظرون إلى الأقوياء، والمحكومين ينظرون إلى الحكام، فإذا لم يكن الكبار والأقوياء والحكام ملتزمين فكيف يطالبون غيرهم بالالتزام؟ قال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُون}.

إذا كان الأب يسرق والأم تسرق، فكيف لا يسرق الولد؟ وإذا كان الغني يسرق فكيف لا يسرق الفقير؟ وإذا كان القوي يسرق فكيف لا يسرق الضعيف؟ وإذا كان الأمير يسرق فكيف لا يسرق المأمور؟

ورحم الله تعالى من قال:

يا أيُّها الرجل المعلِّمُ غيرَه *** هلاَّ لنفسك كان ذا التعليم

تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا *** كيما يصحَّ به وأنت سقيم

ابدأ بنفسك فانهها عن غيها *** فإذا انتهتْ عنه فأنت حكيم

فهناك يُقبل إن وعظت ويُقتدى *** بالرأي منك وينفع التعليم

لذلك قلنا يجب أن نعرف حكم السارق في ميزان الشرع:

أولاً: السارق ضعيف الإيمان إن لم يكن عديمَه.

ثانياً: السارق ملعون إذا لم يتب إلى الله تعالى.

ثالثاً: السارق مُفلِس إذا لم يتب إلى الله تعالى.

رابعاً: السارق لا يُقبل منه عمل صالح ولا يوفَّق إليه إذا لم يتب إلى الله تعالى.

خامساً: السارق لا يستجيب الله لدعائه إذا لم يتب إلى الله تعالى.

سادساً: السارق تُقطع يده.

سابعاً: السارق لا توبة له إلا إذا ردَّ المظالم إلى أهلها، فإذا كان مفلساً فلا بدَّ من أن يستحلَّها من أصحابها.

قال صلى الله عليه وسلم: (رَحِمَ الله عَبْدًا كَانَتْ لأَخِيهِ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ فِي عِرْضٍ أَوْ مَالٍ فَجَاءَهُ فَاسْتَحَلَّهُ، قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ وَلَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ حَمَّلُوا عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ) رواه الترمذي.

لا شفاعة في حدِّ السرقة:

ثامناً: أيُّها الإخوة: واليوم يجب علينا أن نعرف الأمر الثامن ونُعرِّف عليه أبناءنا، يجب علينا أن نعلم بأنَّه لا شفاعة في جريمة السرقة بعد أن تُرفع إلى القاضي، فمن شفع في هذا الحد فله نصيب من الإثم، لأنَّها شفاعة سيئة قبيحة، قال تعالى: {وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا}.

فالشفيع يتحمَّل إثمَ هذه الشفاعة لأنَّه تعاون على الإثم والعدوان، قال تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.

فلذلك لا خلاف بين الفقهاء في تحريم الشفاعة في حدٍّ من حدود الله تعالى بعد بلوغه إلى الحاكم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله فَقَدْ ضَادَّ الله تعالى) رواه أبو داود.

وكلُّنا يذكر قصة المرأة المخزومية التي سرقت في عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء في صحيح البخاري عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: (أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلا أُسَامَةُ حِبُّ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله؟ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ الله لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا).

لا فدية في حدِّ السرقة:

تاسعاً: أمَّا الأمر التاسع الذي يجب أن نَعْلَمَه ونُعَلِّمَه أنَّه لا فدية في حدِّ السرقة، فإذا رُفع الأمر إلى القاضي، وثبتت السرقة وجب قطع يد السارق، ولا تُقبل فدية لعدم قطعها لا من السارق ولا من يلوذ به.

عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو بن العَاْص رضي الله عنه: (أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ بِهَا الَّذِينَ سَرَقَتْهُمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله إِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ سَرَقَتْنَا، قَالَ قَوْمُهَا: فَنَحْنُ نَفْدِيهَا يَعْنِي أَهْلَهَا، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْطَعُوا يَدَهَا، فَقَالُوا: نَحْنُ نَفْدِيهَا بِخَمْسِ مِائَةِ دِينَارٍ، قَالَ: اقْطَعُوا يَدَهَا، قَالَ: فَقُطِعَتْ يَدُهَا الْيُمْنَى، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: نَعَمْ أَنْتِ الْيَوْمَ مِنْ خَطِيئَتِكِ كَيَوْمِ وَلَدَتْكِ أُمُّكِ، فَأَنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: {فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ الله يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيم}) رواه ابن ماجه.

فقد رفض النبي صلى الله عليه وسلم قبول فدية اليد، وهي نصف دية المقتول خطأً، والمقدَّرة بألف دينار من الذهب، والدينار يساوي/5غ/.

احذر أن تفكِّر في الدفاع عن السارق:

عاشراً: كن على حذر من أن تفكِّر في الدفاع عن السارق بعد وصول أمره إلى القضاء، فإذا ما خطر ذلك في بالك فاستغفر الله عز وجل من هذا الخاطر، لأنَّك منهيَّ عنه بنص القرآن العظيم.

قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ الله وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ الله إِنَّ الله كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا * وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ الله وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ الله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا}.

رويَ أن طُعمةَ بن أُبَيْرِقٍ أحد بني ظَفَر سرق درعاً من جار له اسمه قتادة بن النعمان فى جراب دقيق، فجعل الدقيق ينتثر من خرق فيه، وخبَّأها عند زيد بن السمين رجل من اليهود، فالتُمِسَت الدِرعُ عند طُعمة فلم توجد، وحلف ما أخذها وما له بها علم فتركوه، واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهى إلى منزل اليهودي، فأخذوها، فقال: دفعها إليَّ طُعمة، وشهد له ناس من اليهود، فقالت بنو ظفر: انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألوه أن يجادل عن صاحبهم، وقالوا: إن لم تفعل هلك صاحبنا وافتضح، وبرئ اليهودي، فنزل قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ الله وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا}. فاحذر أن تدافع وتجادل عن الخوّان ولو كان مسلماً قريباً، فالحقُّ أحقُّ أن يُتَّبع، وبالعدل قامت السماوات والأرض، فإذا كان هذا في حق رجل يهوديٍّ مسروقٍ، فكيف إذا كان المسروق منه مؤمناً؟

فالإسلام جاء لصيانة أموال الناس كلِّهم بدون استثناء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليحكم بين الناس جميعاً بالعدل، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام.

وجوب تربية الأبناء على مراقبة الله عز وجل:

الحادي عشر: أيها الإخوة الكرام: ما تفشَّت ظاهرة السرقة بين الآباء والأبناء، والضعفاء والأقوياء، والمأمورين والأمراء إلا بسبب عدم مراقبة الله عز وجل.

فيجب علينا أن نراقب الله عز وجل، ونُدرِّب أبناءنا على مراقبة الله سبحانه وتعالى، وأن يذكِّر بعضنا بعضاً بآيات من كتاب الله عز وجل، مثل قوله تعالى: {إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}.

وقوله تعالى:{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُور}.

وقوله تعالى:{مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم}.

وقوله تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد}.

وأن يذِّكر بعضُنا بعضاً ببعض أحاديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن الإحسان فقال: (أَنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ) رواه مسلم.

وجاء سيدنا معاذ رضي الله عنه إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أوصني. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اعْبُدِ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، وَاعْدُدْ نَفْسَكَ مِنَ الْمَوْتَى، وَاذْكُرِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ كُلِّ حَجَرٍ وَعِنْدَ كُلِّ شَجَرٍ، وَإِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَاعْمَلْ بِجَنْبِهَا حَسَنَةً، السِّرُّ بِالسِّرِّ، وَالْعَلانِيَةُ بِالْعَلانِيَةِ) رواه ابن أبي شيبة والطبراني في الكبير.

بعض وصايا الصالحين في المراقبة:

الثاني عشر: اسمع بعض وصايا الصالحين وعلِّمها لأولادك:

أولاً: قال سليمان بن علي لحميد الطويل: عظني. فقال: إن كنت إذا عصيت الله خالياً وظننت أنَّه يراك فلقد اجترأت على أمر عظيم، وإن كنت ظننت أنه لا يراك فلقد كفرت.

ثانياً: وقال رجل للجنيد: بم أستعين على غض البصر؟ فقال: بعلمك أنَّ نَظَرَ الناظِرِ إليك أسبق من نظرك .

ثالثاً: وسئل ذو النون: بم ينال العبد الجنة؟ فقال بخمس:

1.استقامة ليس فيها روغان.

2. واجتهاد ليس معه سهو.

3. ومراقبة الله تعالى في السر والعلانية.

4. وانتظار الموت بالتأهّب له.

5. ومحاسبة نفسك قبل أن تحاسَب.

رابعاً: وقال بعضهم رحمه الله تعالى:

إذَا مَا خَلَوتَ الدهْرَ يَومًا فَلا تَقُل *** خَلَوتُ وَلكن قُل عَليّ رَقيب

وَلا تَحْسَبَن الله يَغْفُل ساعةً *** وَلا أن مَا يَخْفى عَلَيْه يَغيب

أَلَم تَرَ أَنَّ اليَوْمَ أَسْرَعُ ذَاْهِبٍ *** وَأَنَّ غَداً لِلنَاظِرِيْنَ قَرِيبُ

نماذج من مراقبة العبد لمولاه:

الثالث عشر: خذ بعض النماذج من مراقبة العبد لمولاه:

القصة الأولى: (عن عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده أسلم قال: بينا أنا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يعس بالمدينة إذ أعيا فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل، فإذا امرأة تقول لابنتها: قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه بالماء، فقالت: يا أمتاه وما علمت ما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم؟ قالت: وما كان من عزمته؟ قالت: إنه أمر منادياً فنادى: لا يُشاب اللبن بالماء، فقالت لها: يا ابنتاه قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء فإنك في موضع لا يراك عمر ولا منادي عمر، فقالت: الصبية والله ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء، وعمر يسمع كلَّ ذلك، فقال: يا أسلم علِّم الباب واعرف الموضع، ثم مضى في عسّه، فلما أصبح قال يا أسلم: امضِ إلى الموضع فانظر من القائلةِ؟ ومن المَقُولِ لها؟ وهل لهم من بَعْلٍ؟ فأتيت الموضع فإذا أَيِّمٌ لا بَعْلَ لها، وإذا تيك أمها، وإذا ليس لهم رجل. فأتيت عمر بن الخطاب فأخبرته فدعا عمر ولده فجمعهم، فقال: هل فيكم من يحتاج إلى امرأة أزوِّجه، ولو كان بأبيكم حركة إلى النساء ما سبقه منكم أحد إلى هذه الجارية؟ فقال عبد الله: لي زوجة، وقال عبد الرحمن: لي زوجة، وقال عاصم: يا أبتاه لا زوجة لي فزوِّجني، فبعث إلى الجارية فزوجها من عاصم، فولدت لعاصم بنتاً، وولدت الابنة ابنة، وولدت الابنة عمر بن عبد العزيز) رواه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق.

القصة الثانية: عن نافع، قال: خرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له، ووضعوا سُفْرةً له، فمر بهم راعي غنم، قال: فسلم، فقال ابن عمر: هلمَّ يا راعي، هلمَّ فأَصِبْ من هذه السُفْرةُ، فقال له: إني صائم، فقال ابن عمر: أتصوم في مثل هذا اليوم الحار شديد سمومه، وأنت في هذه الجبال ترعى هذا الغنم؟ فقال له: إي والله أبادر أيامي الخالية، فقال له ابن عمر وهو يريد أن يختبر ورعه: فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها ونعطيك من لحمها فتفطر عليه؟ فقال: إنها ليست لي بغنم، إنها غنم سيدي، فقال له ابن عمر: فما عسى سيدك فاعلاً إذا فقدها، فقلت: أكلها الذئب؟ فولى الراعي عنه وهو رافع أصبعه إلى السماء وهو يقول: أين الله؟ قال: فجعل ابن عمر يردِّد قول الراعي وهو يقول: قال الراعي: فأين الله؟ قال: فلما قدم المدينة بعث إلى مولاه فاشترى منه الغنم والراعي فأعتق الراعي، ووهب له الغنم) رواه البيهقي في شعب الإيمان.

نسأل الله تعالى الخشية منه في السر والعلن، وأن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبطاعته عن معصيته، وبفضله عمن سواه، وأن يجعلنا للمتقين إماماً. آمين.

وصلِّ اللهمِّ وسلِّمْ وباركْ وعظِّم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

**     **     **

 

 2008-11-19
 1809
الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  نحو أسرة مسلمة

28-01-2018 4150 مشاهدة
200ـ نحو أسرة مسلمة: اللَّهُمَّ فهمنيها

لِتَحْقِيقِ السَّعَادَةِ في حَيَاتِنَا الأُسَرِيَّةِ لَا بُدَّ مِنَ التَّعَامُلِ مَعَ القُرْآنِ العَظِيمِ تَعَامُلَاً صَحِيحَاً، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتِّلَاوَةِ مَعَ التَّدَبُّرِ، قَالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ... المزيد

 28-01-2018
 
 4150
21-01-2018 5004 مشاهدة
199ـ نحو أسرة مسلمة :مفتاح سعادتنا بأيدينا

كُلَّمَا تَذَكَّرْنَا يَوْمَ الحِسَابِ، يَوْمَ العَرْضِ عَلَى اللهِ تعالى، يَوْمَ نَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى حُفَاةً عُرَاةً غُرْلَاً، وَكُلَّمَا تَذَكَّرْنَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَنَعِيمَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَعَذَابَ أَهْلِ النَّارِ، ... المزيد

 21-01-2018
 
 5004
14-01-2018 3601 مشاهدة
198ـنحو أسرة مسلمة : بعد كل امتحان ستعلن النتائج

صَلَاحُ أُسَرِنَا لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا عَرَفَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الغَايَةَ مِنْ وُجُودِهِ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ الكَثِيرُ مِنَ الأَزْوَاجِ مِمَّنْ دَخَلَ الدُّنْيَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي وَلَا يَعْلَمُ لِمَاذَا ... المزيد

 14-01-2018
 
 3601
08-01-2018 4190 مشاهدة
197ـنحو أسرة مسلمة: وصية الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لنا

القُرْآنُ العَظِيمُ الذي أَكْرَمَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَاصْطَفَانَا لِوِرَاثَتِهِ هُوَ مَصْدَرُ سَعَادَتِنَا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَمَنْ أَرَادَ السَّعَادَةَ في حَيَاتِهِ الزَّوْجِيَّةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَعَلَيْهِ ... المزيد

 08-01-2018
 
 4190
31-12-2017 4219 مشاهدة
196ـ نحو أسرة مسلمة :دمار الأسر بسبب الفسق والفجور

إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ شَقَاءِ البُيُوتِ، وَكَثْرَةِ الخِلَافَاتِ بَيْنَ الأَزْوَاجِ، المَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ، التي تُنَكِّسُ الرُّؤُوسَ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ، وَالتي تُسْلِمُ إلى مُقَاسَاةِ العَذَابِ الأَلِيمِ في الدُّنْيَا قَبْلَ ... المزيد

 31-12-2017
 
 4219
24-12-2017 4007 مشاهدة
195ـنحو أسرة مسلمة : أين بيوتنا من تلاوة القرآن؟

سِرُّ سَعَادَتِنَا في حَيَاتِنَا الزَّوْجِيَّةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَحَوُّلِنَا مِنَ الشَّقَاءِ إلى السَّعَادَةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ هِدَايَتِنَا مِنَ الضَّلَالِ إلى الهُدَى القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَمَاسُكِ أُسَرِنَا ... المزيد

 24-12-2017
 
 4007

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412759428
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :