132ـ كلمة شهر صفر الخير 1439: اللَّهُمَّ لا خير إلا خيرك

132ـ كلمة شهر صفر الخير 1439: اللَّهُمَّ لا خير إلا خيرك

 

132ـ كلمة شهر صفر الخير 1439: اللَّهُمَّ لا خير إلا خيرك

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كُلَّمَا دَخَلَ شَهْرُ صَفَرٍ الخَيْرِ هُنَاكَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَشَاءَمُ وَيَتَطَيَّرُ، وَهَذَا يُدْخِلُ إلى القَلْبِ الحُزْنَ وَالكَآبَةَ.

وَمَنْ يَقْرَأُ القُرْآنَ العَظِيمَ يَعْلَمُ أَنَّ التَّطَيُّرَ وَالتَّشَاؤُمَ لَيْسَ مِن وَصْفِ الإِنْسَانِ المُؤْمِنِ، بَلْ هُوَ مِنْ وَصْفِ المُشْرِكِينَ، قَالَ تعالى عَنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ: ﴿فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

وَقَالَ تعالى في حَقِّ قَوْمِ سَيِّدِنَا صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾.

التَّطَيُّرُ وَالتَّشَاؤُمُ مُخِلٌّ بِالتَّوْحِيدِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ التَّطَيُّرَ وَالتَّشَاؤُمَ مُخِلٌّ بِالتَّوْحِيدِ، وَدَلِيلٌ عَلَى جَهْلِ المُؤْمِنِ بِحَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

أَلَمْ يَقُلْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ»؟ رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا طِيَرَةَ»: يَعْنِي التَّشَاؤُمَ بِالشَّيْءِ.

«وَلَا هَامَةَ»: كَانَتِ العَرَبُ تَعْتَقِدُ أَنَّ عِظَامَ المَيْتِ ـ وَقِيلَ: رُوحَهُ ـ تَنْقَلِبُ هَامَةً تَطِيرُ.

«وَلَا صَفَرَ»: كَانَتِ العَرَبُ تَزْعُمُ أَنَّ فِي البَطْنِ حَيَّةً يُقَالُ لَهَا الصَّفَرُ، تُصِيبُ الْإِنْسَانَ إِذَا جَاعَ وَتُؤْذِيهِ، وَأَنَّهَا تُعْدِي، فَأَبْطَلَ الإِسْلَامُ ذَلِكَ؛ وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ النَّسِيءَ الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ تَأْخِيرُ المُحَرَّمِ إلى صَفَرٍ، وَيَجْعَلُونَ صَفَرَ هُوَ الشَّهْرَ الحَرَامَ، فَأَبْطَلَهُ.

أَلَمْ يَقُلْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، وَمَا مِنَّا إِلَّا، وَلَكِنَّ اللهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ»؟ رواه أبو داود عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الطِّيَرَةُ شِرْكٌ»: المَعْنَى: الاعْتِقَادُ بِأَنَّهَا تَنْفَعُ أَو تَـضُرُّ إِذَا عَمِلُوا بِمُقْتَضَاهَا، مُعْتَقِدِينَ تَأْثِيرَهَا فَهَذَا شِرْكٌ، لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا لَهَا أَثَرَاً في الفِعْلِ وَالإِيجَادِ.

قَوْلُهُ: وَمَا مِنَّا إِلَّا: أَرْجَحُ الأَقْوالِ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا رَوَاهُ الحَاكِم في المُسْتَدْرَكِ عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ».

وَمَعْنَاهُ: مَا مِنَّا مِن أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ يَقَعُ في قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنَ الطِّيَرَةِ وَالتَّشَاؤُمِ، إِلَّا أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُذْهِبُ ذَلِكَ مِنَ القَلْبِ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، وَتَفْوِيضِ الأَمْرِ إِلَيْهِ.

وَإِذَا كَانَ الكَلَامُ مَرْفُوعَاً إلى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَالطِّيَرَةُ مَا وَقَعَتْ في قَلْبِهِ الشَّرِيفِ عَلَى الإِطْلَاقِ أَبَدَاً، لِأَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُتَوَكِّلَاً عَلَى اللهِ تعالى في جَمِيعِ شُؤُونِهِ، وَمُفَوِّضَاً الأَمْرَ إِلَيْهِ تعالى، وَسِيرَتُهُ العَطِرَةُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى آخِرِهَا أَكْبَرُ شَاهِدٍ عَلَى ذَلِكَ.

أَلَمْ يَقُلْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ عَنْ شَيْءٍ فَقَدْ قَارَفَ الشِّرْكَ»؟ رواه البزار عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: التَّطَيُّرُ وَالتَّشَاؤُمُ مُخِلٌّ بِالتَّوْحِيدِ، أَيْنَ نَحْنُ مِنْ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾؟

مَنْ تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِاللهِ تعالى لَا يَتَطَيَّرُ وَلَا يَتَشَاءَمُ، لِأَنَّهُ مُسْتَعِينٌ بِرَبِّهِ، وَمُتَوَكِّلٌ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ يخَاطِبُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ في كُلِّ وَقْتِ صَلَاةٍ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾. وَيَعْلَمُ تَكْلِيفَ اللهِ تعالى لَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾. وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ تعالى كَفَاهُ ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: التَّطَيُّرُ وَالتَّشَاؤُمُ يُنَافِي حَقِيقَةَ الإِيمَانِ، وَيَجْعَلُ صَاحِبَهُ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ، أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ، وَمَنْ عَقَدَ عُقْدَةً، وَمَنْ أَتَى كَاهِنَاً فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ» رواه البزار عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وروى أبو داود عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ، وَلَا تَرُدُّ مُسْلِمَاً، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ».

«اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ»:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ أَرْشَدَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى وُجُوبِ التَّفَاؤُلِ وَعَدَمِ التَّطَيُّرِ وَالتَّشَاؤُمِ، وَمَنْ رَدَّهُ التَّطَيُّرُ وَالتَّشَاؤُمُ عَنْ حَاجَةٍ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ تعالى، وَلْيَمْضِ إلى أَمْرِهِ مُتَوَكِّلَاً عَلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ يُرَدِّدُ مَا أَرْشَدَهُ إِلَيْهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

روى الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ، فَقَدْ أَشْرَكَ».

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ؟

قَالَ: «أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ».

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: شَهْرُ صَفَرٍ هُوَ شَهْرُ خَيْرٍ وَبَرَكَةٍ، وَلَيْسَ شَهْرَ تَشَاؤُمٍ وَتَطَيُّرٍ، وَقَدْ حَذَّرَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّشَاؤُمِ وَالتَّطَيُّرِ فِيهِ، فَقَالَ: «وَلَا صَفَرَ». يَعْنِي: لَا تَشَاؤُمَ في شَهْرِ صَفَرَ.

هُنَاكَ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ في شَهْرِ صَفَرٍ الخَيْرِ يَنْزِلُ المَكْرُوهُ، وَتَحُلُّ المَصَائِبُ، فَالبَعْضُ لَا يَتَزَوَّجُ، بَلْ وَلَا يُجْرِي عَقْدَ زَوَاجِهِ فِيهِ، وَلَا يُسَافِرُ، وَلَا يَعْقِدُ صَفَقَةً تِجَارِيَّةً.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هُنَاكَ مَنْ يَتَشَاءَمُ مِنَ الأَزْمِنَةِ وَالأَوْقَاتِ، وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ للهِ تعالى، وَلَا يَتَشَاءَمُ مِنْ ذُنُوبِهِ وَمَعَاصِيهِ، مَعَ العِلْمِ بِأَنَّ مَا يُصِيبُ العَبْدَ مِنْ مَكْرُوهٍ، إِنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ شُؤْمِ مَعَاصِيهِ، وَلَا أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا قَالَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في مَوْعِظَةٍ وَعَظَهَا لِأَصْحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.

روى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ المَؤُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلَّا سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّاً مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ، إِلَّا جَعَلَ اللهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ».

وَفِي الخِتَامِ أَقُولُ للمُتَشَائِمِ وَلِلمُتَطَيِّرِ: لِمَاذَا التَّشَاؤُمُ وَالتَّطَيُّرُ؟ هَلَّا كَانَ تَشَاؤُمُكَ وَتَطَيُّرُكَ مِنْ ذُنُوبِكَ وَمَعَاصِيكَ؟! هَلَّا تَدَارَكْتَ نَفْسَكَ بِالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ النَّصُوحِ؟!

لِيَتَذَكَّرِ المُتَشَائِمُ وَالمُتَطَيِّرُ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكَاً وَنَـحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.

وَلْيَتَذَكَّرِ قَوْلَهُ تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحَاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. وَالحَيَاةُ الطَّيِّبَةُ لَا تَشَاؤُمَ فِيهَا، وَلَا تَطَيُّرَ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ حَيَاةً طَيِّبَةً. آمين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

السبت: 1/ صفر الخير /1439هـ ، الموافق: 21/تشرين الأول / 2017م

 2017-10-24
 3817
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  كلمة الشهر

13-03-2024 134 مشاهدة
211ـ القرآن أنيسنا

شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ شَهْرُ الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الـشَّرِيفِ الذي رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ... المزيد

 13-03-2024
 
 134
09-02-2024 443 مشاهدة
210ـ انظر عملك في شهر شعبان

أَخْرَجَ الإِمَامُ النَّسَائِيُّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ. قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبَ ... المزيد

 09-02-2024
 
 443
13-01-2024 279 مشاهدة
209ـ اغتنام ليل الشتاء

الدُّنْيَا دَارُ عَمَلٍ، وَفُرْصَةُ تَزَوُّدٍ لِيَوْمِ الرَّحِيلِ، قَالَ تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾.  الأَيَّامُ تَتَعَاقَبُ وَتَتَوَالَى، وَهَا نَحْنُ في الشِّتَاءِ، فَلْنَسْمَعْ وَصِيَّةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ ... المزيد

 13-01-2024
 
 279
14-12-2023 386 مشاهدة
208ـ ماذا جرى لهذه الأمة؟

مَاذَا جَرَى لِهَذِهِ الأُمَّةِ؟ هَلْ تَفْقِدُ ذَاكِرَتَهَا وَتَجْلِسُ مَعَ عَدُوِّهَا تَبْحَثُ عَنْ سَلَامٍ وَعُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ؟ يَذْبَحُهَا عَدُوُّهَا بِالأَمْسِ، فَتَمُدُّ لَهُ ذِرَاعَ المُصَافَحَةِ اليَوْمَ. يَصْفَعُهَا بِالأَمْسِ، ... المزيد

 14-12-2023
 
 386
16-11-2023 500 مشاهدة
207ـ لا تزال الأمة تبتلى

مَاذَا يَقُولُ الإِنْسَانُ المُسْلِمُ، وَمَاذَا يَفْعَلُ وَالمَجَازِرُ الدَّمَوِيَّةُ تُرْتَكَبُ عَلَى أَرْضِ فِلَسْطِينَ وَفي غَزَّةَ خَاصَّةً شَمَلَتِ الشُّيُوخَ وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَالَ الضُّعَفَاءَ وَالآمِنِينَ، وَالعَالَمُ كُلُّهُ ... المزيد

 16-11-2023
 
 500
16-09-2023 526 مشاهدة
205ـ كيف لا نحب الحبيب صلى الله عليه وسلم!

مَا أَجْمَلَ شَهْرَ الرَّبِيعِ الذي وُلِدَ فِيهِ الحَبِيبُ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟! حَيْثُ إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ يُذَكِّرُنَا بِفَصْلِ الرَّبِيعِ الذي فِيهِ تَتَفَتَّحُ الأَزْهَارُ، وَتُغَرِّدُ ... المزيد

 16-09-2023
 
 526

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411940716
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :