أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4813 - حكم صلاةِ الجماعة وجمعِهَا في البرد الشديد

21-01-2012 833 مشاهدة
 السؤال :
هل تسقط صلاة الجماعة في البرد الشديد؟ وهل يصحُّ فيه الجمع بين الصلوات؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4813
 2012-01-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: صَلَاةُ الجَمَاعَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَهِيَ مِنْ سُنَنِ الهُدَى، وَوَاجِبَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الفُقَهَاءِ، وَذَلِكَ للأَحَادِيثِ التَّالِيَةِ:

1ـ روى ابن ماجه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ».

2ـ روى أبو داود عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ، لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالجَمَاعَةِ، فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ القَاصِيَةَ».

3ـ روى الإمام أحمد عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كُنْتُ ضَرِيرَاً شَاسِعَ الدَّارِ، وَلِي قَائِدٌ لَا يُلَائِمُنِي، فَهَلْ تَجِدُ لِي رُخْصَةً أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي؟

قَالَ: «أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ؟».

قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: «مَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً».

ثانياً: مِنَ الأَعْذَارِ التي تُبِيحُ تَرْكَ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ، المَطَرُ الشَّدِيدُ، الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ لَيْلَاً، البَرْدُ الشَّدِيدُ، وَالحَرُّ الشَّدِيدُ الذي خَرَجَ عَمَّا أَلِفَهُ النَّاسُ.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ نَادَى بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ وَمَطَرٍ، فَقَالَ فِي آخِرِ نِدَائِهِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ.

ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ المُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ فِي السَّفَرِ أَنْ يَقُولَ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ.

وروى ابن ماجه عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي مُنَادِيهِ فِي اللَّيْلَةِ المَطِيرَةِ أَوْ اللَّيْلَةِ البَارِدَةِ ذَاتِ الرِّيحِ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ.

ثالثاً: أَجَازَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ الجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ، وَقَصَرَهَا فُقَهَاءُ الحَنَفِيَّةِ عَلَى الحَجِّ يَوْمَ عَرَفَةَ فَقَطْ، الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمْعَ تَقْدِيمٍ في عَرَفَةَ، وَالمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ جَمْعَ تَأْخِيرٍ في المُزْدَلِفَةِ.

وَجُمْهُورُ الفُقَهَاءِ أَجَازُوا الجَمْعَ في الصَّلَوَاتِ في السَّفَرِ وَالمَطَرِ، وَالثَّلْجِ، وَالبَرْدِ، وَجَعَلُوا لِكُلِّ حَالَةٍ شُرُوطَاً.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

أولاً: تَسْقُطُ صَلَاةُ الجَمَاعَةِ في البَرْدِ الشَّدِيدِ وَالحَرِّ الشَّدِيدِ، إِذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ اتِّقَاءُ ذَلِكَ بِالمَلَابِسِ أَو المَدَافِئِ وَالمُكَيِّفَاتِ، وَيَخْشَى الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُصَابَ بِمَرَضٍ، وَإِلَّا فَلَا تَسْقُطُ.

ثانياً: يَجُوزُ الجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ عَدَا الحَنَفِيَّةِ إِذَا كَانَ البَرْدُ شَدِيدَاً، وَمَصْحُوبَاً بِرِيحٍ شَدِيدَةٍ بَارِدَةٍ، أَدَّى إلى جَلِيدِ الأَرْضِ، وَإِلَّا لَا يَصِحُّ جَمْعُ الصَّلَوَاتِ.

وَفِيمَا أَظُنُّ أَنَّ وَسَائِلَ اتِّقَاءِ البَرْدِ الشَّدِيدِ صَارَتْ مُيَسَّرَةً في هَذَا الوَقْتِ، في البُيُوتِ وَفِي المَسَاجِدِ، وَلِذَلِكَ أَرَى عَدَمَ سُقُوطِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ فَضْلَاً عَنْ صِحَّةِ جَمْعِهَا. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
833 مشاهدة
الملف المرفق