أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

670 - من هو مسيلمة الكذاب؟

20-11-2007 11541 مشاهدة
 السؤال :
أرجو أن تذكر لنا طرفاً من سيرة مسيلمة الكذَّاب، لنعرف شيئاً عنه.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 670
 2007-11-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

هو مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي أبو شامة، متنبئ من المعمرين، وفي الأمثال: (أكذب من مسيلمة). ولد ونشأ باليمامة في القرية المسماة اليوم بالجبليَّة بقرب العيينة بوادي حنيفة في نجد، وتلقَّب في الجاهلية بالرحمان، وعرف برحمان اليمامة، وأخذ يطوف في ديار العرب والعجم يتعلم الأساليب التي يستطيع بها استغفال الناس واستجرارهم لجانبه، كجبل السَّدنة، والحوَّاء، وأصحاب الزَّجر، والخطّ، ومذاهب الكهَّان، والعيَّاف، والسَّحرة، وأصحاب الجن الذين يزعمون: أن لهم تابعات إلى غيرها من الخزعبلات. وكان مسيلمة يدَّعي النبوَّة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وكان يبعث بأناس إليها ليسمعوا القرآن، ويقرؤوه على مسامعه، فينسج على منواله، أو يسمعه هو نفسه للناس زاعماً أنه كلامه. وقد ذكر ابن كثير: أن عمرو بن العاص ـ قبل إسلامه ـ قابل مسيلمة الكذَّاب، فسأله هذا ماذا أنزل على محمد من القرآن؟ فقال له عمرو: إن الله أنزل عليه سورة العصر، فقال مسيلمة: وقد أنزل الله عليَّ مثلها، وهو قوله: يا وبر، يا وبر! إنما أنت أذنان، وصدر، وسائر حفر نقر. فقال له عمرو بن العاص: والله إنك تعلم أني أعلم: أنك تكذب! وعلَّق ابن كثير ـ رحمه الله ـ على قول عمرو هذا من قرآن مسيلمة المزعوم: فأراد مسيلمة أن يُرَكِّب من هذا الهذيان ما يعارض به القرآن، فلم يَرُجْ ذلك على عابد الأوثان في ذلك الزمان. ومما قاله مسيلمة: يا ضفدع بنت ضفدعين! نقِّي ما تنقِّين، أعلاك في الماء وأسفلك في الطين، لا الشاربَ تمنعين، ولا الماء تُكَدِّرين. وقال أبو بكر الباقلاني رحمه الله: فأما كلام مسيلمة الكذَّاب، وما زعم: أنه قرآن، فهو أخسُّ من أن ننشغل به، وأسخف من أن نفكر فيه، وإنما نقلنا منه طرفاً ليتعجب القارئ، وليتبصر الناظر، فإنه على سخافته قد أضلَّ، وعلى ركاكته قد أزلَّ، وميدان الجهل واسع. وفي العام العاشر للهجرة عندما أصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرض موته، تجرأ الخبيث فكتب رسالة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يزعم لنفسه فيها الشركة معه في النبوة، هذا نصها: من مسيلمة رسول الله (كَذَبَ) إلى محمد رسول الله: أما بعد: فإن لنا نصف الأرض، ولقريش نصفها، ولكن قريشاً لا ينصفون. فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالة كتبها له أُبَي بن كعب رضي الله عنه نصها: (بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد النبي إلى مسيلمة الكذَّاب، أما بعد: فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين، والسلام على من اتبع الهدى). وكان مسيلمة قد بعث برسالته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مع رجلين أحدهما ابن النوَّاحة المذكور، فلما اطلع عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما: وماذا تقولان أنتما؟ فقالا: نقول كما قال. فقال صلى الله عليه وسلم: أما والله لولا أن الرسل لا تَقْتُل؛ لضربت أعناقكم! وحمل حبيب بن زيد الأنصاري ابن أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية رضي الله عنهما رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مسيلمة الكذَّاب فعندما سلمه الرسالة، قال له مسيلمة الكذَّاب: أتشهد أن محمداً رسول الله فيقول: نعم، فيقول له: أوتشهد أني رسول الله؟ فيقول: أنا أصم لا أسمع، ففعل ذلك مراراً، وكان في كل مرةٍ لا يجيبه فيها حبيب إلى طلبه يقتطع من جسمه عضواً، ويبقى حبيب محتسباً صابراً إلى أن قطَّعه إرباً إرباً، فاستشهد رضي الله عنه بين يديه. ولننظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كانت سيرته، فلا يقتل الرسل ، ولو كانوا من قبل أعدائه الألداء الكفار، وحتى ولو كفروا أمامه، ما دامت لهم هذه الحصانة. أما مسيلمة فيتعامى عن العهود والمواثيق، فيقتل السفراء لا قتلاً عادياً بل قتل تشويه ، وتمثيل، وتشفٍّ. إنه الفارق بين الإسلام الذي يحترم الكلمة ويحترم الإنسان ويخاصم بشرف ورجولة، وبين الجاهلية التي لا تعرف إلا الفساد في الأرض، وتحكيم الهوى.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
11541 مشاهدة