أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4236 - أخذ العوض لامرأة اتهمت بالزنا

03-09-2011 19970 مشاهدة
 السؤال :
رجل اتَّهم امرأة بأنها زنت، ورفعت أمرها إلى القاضي، وطلب المتهم أن تتراجع عن دعواها مقابل مال، فهل يجوز لها أن تسقط حقها، وتأخذ المال؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4236
 2011-09-03

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقذف المحصنات محرَّم في كتاب الله تعالى بقوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون}. وبقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم}.

وهو محرم في السنة المطهرة، روى البخاري عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قَالَ: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاتِ).

وقد انعقد إجماع الأمة على تحريم قذف المحصنات من الرجال والنساء، ويجب على الحاكم إقامة حد القذف على من قذف محصناً أو محصنة.

وقد رتب الله تعالى على قاذف المحصن ثلاثة أمور:

جلد القاذف ثمانون جلدة، وعدم قبول شهادة القاذف، ويكون القاذف من الفاسقين. هذا أولاً.

ثانياً: يقول ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني: وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ، لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ؛ لأَنَّهُ إنْ كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عِوَضَهُ ، لِكَوْنِهِ لَيْسَ بِحَقٍّ لَهُ ، فَأَشْبَهَ حَدَّ الزِّنَى وَالسَّرِقَةِ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَهُ، لَمْ يَجُزْ الاعْتِيَاضُ عَنْهُ، لِكَوْنِهِ حَقًّا لَيْسَ بِمَالِي، وَلِهَذَا لا يَسْقُطُ إلَى بَدَلَ، بِخِلافِ القِصَاصِ، وَلأَنَّهُ شُرِعَ لِتَنْزِيهِ العِرْضِ، فَلا يَجُوزُ أَنْ يَعْتَاضَ عَنْ عِرْضِهِ بِمَالٍ.

وبناء على ذلك:

فهذا الرجل ارتكب كبيرة من الكبائر، وهي قذف المحصنات، ويجب أن يقام عليه الحد، ولو عفت المرأة عن الرجل فلا يسقط الحدُّ عنه عند الحنفية.

كما لا يجوز لهذه المرأة أن تأخذ عوضاً مالياً من أجل إسقاط حقِّها، لأن العرض لا تجوز المعاوضة عليه بالمال، لأن الشرع جاء لحماية الضروريات الخمس، وهي: الدين والعقل والعِرض والنسب والمال. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
19970 مشاهدة