أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7618 - ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾

02-10-2016 618 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾. ما تفسير قول الله تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7618
 2016-10-02

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ شَاءَ اللهُ تعالى أَنْ يَجْعَلَ آيَاتِ القُرْآنِ العَظِيمِ فِيهَا المُحْكَمُ وَفِيهَا المُتَشَابِهُ، وَلَوْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَجْعَلَهُ مُحْكَمَاً كُلَّهُ لَجَاءَ مُحْكَمَاً.

فَالآيَةُ المُحْكَمَةُ هِيَ المُتَعَلِّقَةُ بِالعَقَائِدِ وَالعِبَادَاتِ وَالأَحْكَامِ الأُخْرَى، يَطْلُبُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ العَمَلَ بِهَا، بَعْدَ الإِيمَانِ بِهَا أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللهِ تعالى.

وَأَمَّا الآيَاتُ المُتَشَابِهَاتُ، مَا طَلَبَ اللهُ تعالى مِنْ عِبَادِهِ إلا الإِيمَانَ بِهَا بِأَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللهِ تعالى.

وَالعُلَمَاءُ اخْتَلَفُوا في الوَقْفِ عِنْدَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ﴾. فَبَعْضُهُمْ قَالَ: يَقِفُ عِنْدَهَا؛ وَيُعْتَبَرُ مَا جَاءَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾. كَلَامَاً مُسْتَأْنَفَاً جَدِيدَاً.

وعلى هَذَا يَقُولُونَ بِأَنَّ الذي يَعْلَمُ تَأْوِيلَ المُتَشَابِهِ، أَو حَقِيقَةَ المُتَشَابِهِ إِنَّمَا هُوَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ. ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ لَا يَسَعُهُمْ إلا الإِيمَانَ بِالآيَاتِ المُتَشَابِهَةِ دُونَ مَعْرِفَةِ التَّأْوِيلِ، ثمَّ ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾.

وَهُنَاكَ مِنَ العُلَمَاءِ مَنْ عَطَفَ قَوْلَهُ تعالى: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾. على قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ﴾. فَيَكُونُ مَعْنَى الآيَةِ: أَنَّ الرَّاسِخِينَ في العِلْمِ يَعْمَلُونَ بِالمُحْكَمِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ للمُتَشَابِهِ عَلِمُوا تَأْوِيلَهُ، وَكَانَتْ نَتِيجَةُ عِلْمِهِمْ قَوْلُهُمْ: ﴿آمَنَّا بِهِ﴾.

وبناء على ذلك:

فَالرَّاسِخُونَ في العِلْمِ وَصَلُوا إلى نَتِيجَةٍ حَتْمِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَالُوا: ﴿آمَنَّا بِهِ﴾. يَعْنِي: بِكُلِّ آيَاتِ الكِتَابِ المُحْكَمَةِ وَالمُتَشَابِهاتِ ﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾. فَعَمِلُوا بِالمُحْكَمِ لِأَنَّهُ هُوَ المَطْلُوبُ مِنْهُمْ، وَآمَنُوا بِالمُتَشَابِهِ لِأَنَّهُ هُوَ المَطْلُوبُ مِنْهُمْ، وَلَيْسَ مَطْلُوبَاً مِنْهُمْ سِوَاهُ، وَللهِ عَزَّ وَجَلَّ في ذَلِكَ حِكْمَةٌ.

فَعَظَمَةُ الإِيمَانِ في تَنْفِيذِ الآيَاتِ المُحْكَمَةِ وَإِنْ لَمْ تَعْرِفِ العِلَّةَ وَالحِكْمَةَ، لِأَنَّ الآمِرَ حَكِيمٌ، وَأَنْ تُؤْمِنَ بِالمُتَشَابِهِ مِنَ القُرْآنِ بِدُونِ خَوْضٍ في تَشْبِيهٍ، أَو تَمْثِيلٍ، أَو تَكْيِيفٍ، أَو تَعْطِيلٍ، وَتُدْرِجَ الآيَاتِ المُتَشَابِهَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾. فَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ مِنَ الرَّاسِخِينَ في العِلْمِ، وإلا كَانَ في قَلْبِهِ زَيْغٌ ـ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى ـ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
618 مشاهدة