أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1480 - حكم الغيبة لشخص غير معروف

25-10-2008 10487 مشاهدة
 السؤال :
ما حكم الغيبة لشخص أعرفه ولكن الحاضرين لا يعرفونه، بأن أقول: قال رجل كذا، أو فعل رجل كذا، دون ذكر اسمه، ودون أن يعرفه الحاضرون؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1480
 2008-10-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فلا خلاف بين الفقهاء في أن الغيبة من الكبائر، وعلى المغتاب أن يتوب إلى الله تعالى، لقوله تعالى: {وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ) رواه أبو داود.

ولقوله صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الإِيمَانُ قَلْبَهُ، لا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ) رواه أبو داود، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ)؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: (ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ) قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: (إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ) رواه مسلم.

وقد ذكر الإمام الغزالي رحمه الله تعالى في الإحياء الأسباب التي تبعث العبد على الغيبة، ومن جملتها: اللعب والهزل والمطايبة وتزجية الوقت بالضحك، فيذكر عيوب غيره بما يضحك الناس على سبيل المحاكاة.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) رواه البخاري، ويقول: (لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) رواه البخاري ومسلم، فهل ترضى أن يذكر أحد من الناس أفعالك وحركاتك أو مشاكلك العائلية أمام الآخرين ولو لم يتعرَّض لذكر اسمك، من أجل أن يجعل من مواقفك سخريةً ولعباً وضحكاً؟

الجواب: طبعاً لا ترضى، فكيف ترضى لنفسك أن تجعل من أفعال أخيك أو من عوراته سبباً للضحك في مجالسك؟ هل خلقت من أجل هذا؟ وفعلك هذا إذا كان لا قدر الله شماتة فوطِّن نفسك لا قدَّر الله أن يبتليك الله ويعافيه.

استغفر الله عز وجل من ذلك، واجزم على أن لا تعود إلى مثل هذا، لأن هذا لا يليق بالمؤمن حتى ولو لم تكن غيبة، لأن المؤمن لا يمر على مجالس اللاغين، فكيف إذا كان هو من اللاغين؟ يقول تعالى في وصف عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}. اللهم اجعلنا منهم. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
10487 مشاهدة