أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7210 - صحة الإمامة

09-03-2016 3386 مشاهدة
 السؤال :
هل يشترط البلوغ في صحة الإمامة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7210
 2016-03-09

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَد ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ من الحَنَفِيَّةِ والمَالِكِيَّةِ والحَنَابِلَةِ إلى اشْتِرَاطِ البُلُوغِ في صِحَّةِ الإِمَامَةِ في صَلاةِ الفَرْضِ، ولا تَصِحُّ عِنْدَهُم إِمَامَةُ مُمَيِّزٍ لِبَالِغٍ في صَلاةِ فَرْضٍ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُقَدِّمُوا سُفَهَاءَكُم وَصِبْيَانَكُم في صَلَاتِكُم، وَلَا عَلَى جَنَائِزِكُم، فَإِنَّهُم وَفْدُكُم إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» رواه الدَّيْلَمِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.

وَلِأَنَّهَا حَالُ كَمَالٍ، وَالصَّبِيُّ لَيْسَ من أَهْلِهَا، وَلِأَنَّ الإِمَامَ ضَامِنٌ، وَلَيْسَ هُوَ مِن أَهْلِ الضَّمَانِ، وَلِأَنَّهُ لا يُؤْمَنُ مَعَهُ الإِخْلَالُ بالقِرَاءَةِ حَالَ السِّرِّ؛ وَاسْتَدَلُّوا كَذَلِكَ على عَدَمِ صِحَّةِ إِمَامَةِ الصَّبِيِّ للبَالِغِ في الفَرْضِ أَنَّ صَلَاةَ الصَّبِيِّ نَافِلَةٌ، فَلَا يَجُوزُ بِنَاءُ الفَرْضِ عَلَيْهَا.

أَمَّا في غَيْرِ الفَرْضِ، كَصَلَاةِ الكُسُوفِ أَو التَّرَاوِيحِ فَتَصِحُّ إِمَامَةُ المُمَيِّزِ للبَالِغِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ من المَالِكِيَّةِ والشَّافِعِيَّةِ والحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الحَنَفِيَّةِ، لِأَنَّهُ لا يَلْزَمُ مِنْهَا بِنَاءُ القَوِيِّ على الضَّعِيفِ.

وَالمُخْتَارُ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ عَدَمُ جَوَازِ إِمَامَةِ المُمَيِّزِ للبَالِغِ مُطْلَقَاً، سَوَاءٌ أَكَانَتْ في الفَرَائِضِ أَم في النَّوَافِلِ، لِأَنَّ نَفْلَ الصَّبِيِّ ضَعِيفٌ، لِعَدَمِ لُزُومِهِ بالشُّرُوعِ، وَنَفْلَ المُقْتَدِي البَالِغِ قَوِيٌّ لَازِمٌ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بَعْدَ الشُّرُوعِ؛ وَلَمْ يَشْتَرِطِ الشَّافِعِيَّةُ في الإِمَامِ أَنْ يَكُونَ بَالِغَاً، فَتَصِحُّ إِمَامَةُ المُمَيِّزِ للبَالِغِ عِنْدَهُم مُطْلَقَاً، سَوَاءٌ أَكَانَتْ في الفَرَائِضِ أَم النَّوَافِلِ، لِحَدِيثِ  عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ على عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ سِتِّ أَو سَبْعِ سِنِينَ. رواه الإمام البخاري.

لَكِنَّهُم قَالُوا: البَالِغُ أَوْلَى من الصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ أَقْرَأَ أَو أَفْقَهَ، لِصِحَّةِ الاقْتِدَاءِ بالبَالِغِ بالإِجْمَاعِ، وَلِهَذَا نَصَّ في البُوَيِطْيِّ على كَرَاهَةِ الاقْتِدَاءِ بالصَّبِيِّ؛ أَمَّا إِمَامَةُ المُمَيِّزِ لِمِثْلِهِ فَجَائِزَةٌ في الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ وَغَيْرِهَا عِنْدَ جَمِيعِ الفُقَهَاءِ.

وبناء على ذلك:

فَعِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ لا تَصِحُّ إِمَامَةُ الصَّبِيِّ، وَلَو كَانَ مُمَيِّزَاً في صَلاةِ الفَرِيضَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3386 مشاهدة