أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5071 - هل يجب تأخير الصِّبيان من خلف الإمام؟

21-04-2012 37571 مشاهدة
 السؤال :
رأيت بعضَ الصِّبيان يصلُّون خلف الإمام، فجاء أحدهم وقال: يجب تأخير الصِّبيان من خلف الإمام، لأنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: (لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ). فهل يجب تأخيرهم إذا سبقوا إلى الصفِّ خلف الإمام؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5071
 2012-04-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: أخرج الإمام مسلم عَن ابنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلاةِ، وَيَقُولُ: اسْتَوُوا وَلا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ).

وفي رواية لأبي داود عَن ابنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، وَلا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الأَسْوَاقِ).

معنى أُولُو الأَحْلامِ: أي ذَوو الألبابِ والعقولِ، واحدُها حِلْم، وكأنَّه من الحِلمِ: الأناةِ والتَّثَبُّتِ في الأمورِ، وذلك من شِعارِ العُقلاءِ، كما جاء في النِّهايةِ في غريبِ الحديثِ والأثرِ، أو بمعنى الاحتلام: البلوغ، قال تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ}.

ومعنى النُّهَى: يعني العقولُ والألبابُ، واحدتُها نُهْيَة، وسُمِّيَت بذلك لأنَّها تَنهَى صاحِبَها عن القَبيحِ.

ومعنى هَيْشَاتِ الأَسْوَاقِ: الهيشُ هو الإفسادُ، وهاشَ القومُ إذا تَحَرَّكُوا وهَاجُوا، وهَيْشَاتُ الأَسْوَاقِ: ما يحصلُ فيها من المُنازعَةِ والخُصوماتِ، وارتفاعِ الأصواتِ، واللغطِ والفِتنِ.

ثانياً: يقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ) رواه أبو داود والطبراني والبيهقي عَنْ أَسْمَرَ بْنِ مُضَرِّسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

ويقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لا يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ لْيُخَالِفْ إِلَى مَقْعَدِهِ فَيَقْعُدَ فِيهِ، وَلَكِنْ يَقُولُ: افْسَحُوا) رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

ثالثاً: ذَكَرَ الفقهاءُ بأنَّهُ إذا اجتمعَ رجالٌ وصِبيانٌ ونساءٌ للصَّلاةِ، صُفَّ الرجالُ ثمَّ الصِّبيانُ ثمَّ النساءُ.

وبناء على ذلك:

 فلا يجوزُ تأخيرُ الصَّبيِّ إذا سَبَقَ إلى الصَّفِّ الأوَّلِ وكان خلفَ الإمامِ، لأنَّ الحديثَ الشَّريفَ ليس فيه دلالةٌ على وجوبِ بل ولا على استحبابِ تأخيرِ الصِّبيانِ عن التَّقَدُّمِ، بل هو حَثٌّ لأُولي الأحلامِ والنُّهى بالتَّقَدُّمِ إلى الصَّلاةِ والإسراعِ إليها حتى يكونوا في الصَّفِّ الأوَّلِ، فإن تَكَاسَلُوا وتَقَاعَسُوا وتَأَخَّرُوا عن الحُضورِ إلى الصَّلاةِ، فمن سَبَقَ إلى الصَّفِّ الأوَّلِ أو خلفَ الإمامِ فهوَ أَحَقُّ به، ولو كان صَبيَّاً صغيراً.

أمَّا إذا لم يَسبِقِ الصَّبيُّ غيرَهُ إلى الصَّفِّ الأوَّلِ، وأُقيمت الصَّلاةُ، وَبَدَأَ النَّاسُ يصطفُّونَ، فإنَّه يُقَدَّمُ الرجالُ ثمَّ الصِّبيانُ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
37571 مشاهدة