أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1018 - بناء الكنائس في جزيرة العرب

23-04-2008 9929 مشاهدة
 السؤال :
ما هو حكم بناء الكنائس والمعابد في جزيرة العرب؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1018
 2008-04-23

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد قسَّم الفقهاء أمصار المسلمين إلى ثلاثة أقسامٍ:

الأوَّل: ما اختطَّه المسلمون وأنشؤوه كالكوفة والبصرة وبغداد وواسط، فلا يجوز فيه إحداث كنيسةٍ ولا بِيعةٍ ولا مجتمعٍ لصلاتهم ولا صومعةٍ بإجماع أهل العلم، ولا يُمكَّنون فيه من شرب الخمر واتِّخاذ الخنازير وضرب النَّاقوس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تبنى كنيسة في الإسلام، ولا يجدَّد ما خَرِبَ منها» رواه ابن عدي، ولأنّ هذا البلد ملك للمسلمين فلا يجوز أن يبنوا فيه مجامع للكفر، ولو عاقدهم الإمام على التَّمكُّن من ذلك فالعقد باطل.

الثاني: ما فتحه المسلمون عَنوةً، فلا يجوز فيه إحداث شيءٍ من ذلك بالاتفاق، لأنّه صار ملكاً للمسلمين، وما كان فيه شيء من ذلك هل يجب هدمه؟ قال المالكيّة، وهو وجه عند الحنابلة: لا يجب هدمه، لأنَّ الصّحابة • فتحوا كثيراً من البلاد عنوةً فلم يهدموا شيئاً من الكنائس.

ويشهد لصحّة هذا وجود الكنائس والبِيَع في البلاد التي فتحها المسلمون عَنوةً، وقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمَّاله: (ألَّا يهدموا بيعةً ولا كنيسةً ولا بيت نارٍ).

وفي الأصحِّ عند الشافعيَّة، وهو وجه عند الحنابلة: يجب هدمه، فلا يُقرُّون على كنيسةٍ كانت فيه، لأنّها بلاد مملوكة للمسلمين، فلم يجز أن تكون فيها بِيعة، كالبلاد التي اختطَّها المسلمون.

وذهب الحنفيّة إلى أنّها لا تُهدم، ولكن تبقى بأيديهم مساكن، ويُمنعون من اتِّخاذها للعبادة.

الثالث: ما فتحه المسلمون صُلحاً، فإن صالحهم الإمام على أنَّ الأرض لهم والخراج لنا، فلهم إحداث ما يحتاجون إليه فيها من الكنائس عند الحنفيَّة والمالكيَّة والحنابلة، وهو الأصحُّ عند الشافعيَّة، لأنَّ الملك والدار لهم، فيتصرَّفون فيها كيف شاؤوا. وفي مقابل الأصحِّ عند الشافعيَّة: المنع، لأنَّ البلد تحت حكم الإسلام.

وإن صالحهم على أنَّ الدار لنا، ويؤدُّون الجزية، فالحكم في الكنائس على ما يقع عليه الصُّلح، والأولى ألا يصالحهم إلا على ما وقع عليه صلح عمر رضي الله عنه من عدم إحداث شيءٍ منها.

وإن وقع الصُّلح مطلقاً فلا يجوز الإحداث عند الجمهور: الحنفيَّة والشافعيَّة والحنابلة، ويجوز في بلدٍ ليس فيه أحد من المسلمين عند المالكيَّة.

ولا يتعرَّض للقديمة عند الحنفيَّة والحنابلة، وهو المفهوم من كلام المالكيَّة، والأصحُّ عند الشافعيَّة المنع من إبقائها كنائس. هذا، والله تعالى أعلم.

ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية: 7/129.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
9929 مشاهدة