أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5801 - علاج الوسواس القهري

10-04-2013 1045 مشاهدة
 السؤال :
إنِّي مصاب بوسواس قهري لا أستطيع صرفه، وخاصة أثناء أداء العبادات، والتي على رأسها الصلاة، فهل من علاج لهذا الوسواس؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5801
 2013-04-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: ممَّا لا شكَّ فيه بأنَّ اطمِئنانَ القلبِ هوَ سِرُّ سَعادَةِ الإنسانِ، والقلبُ لا يكونُ مُطمَئِنَّاً إلا بِكَثرَةِ ذِكرِ الله تعالى، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ الله أَلا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب﴾ وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُون﴾.

ثانياً: وممَّا لا شكَّ فيه بأنَّ الحياةَ الطَّيِّبَةَ لا تكونُ إلا بالإيمانِ والعَمَلِ الصَّالِحِ، قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾. هذا في الحياةِ الدُّنيا، أمَّا في الآخِرَةِ: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون﴾. والكلُّ يَعلَمُ بأنَّ وعدَ الله تعالى لا يُخلَفُ.

ثالثاً: وممَّا لا شكَّ فيه بأنَّ من تَقَرَّبَ إلى الله تعالى بِكَثرَةِ النَّوافِلِ بعدَ أداءِ الفرائِضِ يكونُ مَحبوباً عندَ الله تعالى، ويكونُ مُؤيَّداً من الله تعالى ظاهِراً وباطِناً، قال تعالى في الحديث القدسيِّ: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وبناء على ذلك:

فأنا أنصَحُكَ يا أخي الكريم:

أولاً: بِكَثرَةِ ذِكرِ الله تعالى، لأنَّ الشَّيطانَ يُوَسوِسُ لِصاحِبِ القلبِ الغافِلِ عن الله تعالى، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه البيهقي وأبو يعلى عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ وَاضِعٌ خَطْمَهُ عَلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، فَإِنْ ذَكَرَ اللهَ خَنَسَ، وَإِنْ نَسِيَ الْتَقَمَ قَلْبَهُ، فَذَلِكَ الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ».

ثانياً: كُلَّما جاءَكَ الوَسواسُ قُل: أعوذُ بالله من الشَّيطانِ الرَّجيمِ. وقُل: لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ، لا شَريكَ له، لهُ المُلكُ ولهُ الحَمدُ وهوَ على كُلِّ شيءٍ قَديرٌ. قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُون﴾. وقال تعالى: ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بالله إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم﴾.

 ثالثاً: أكثِر من السُّجودِ لله تعالى، وادعُ اللهَ تعالى وأنتَ ساجِدٌ، لأنَّهُ جاءَ في الحديثِ الشَّريفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ ـ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ: يَا وَيْلِي ـ أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِي النَّارُ».

وفي الحديثِ الآخَرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ».

رابعاً: أكثِر من النَّوافِلِ، وخاصَّةً من تلاوةٍ للقُرآنِ الكريمِ، ولو كانَ في كلِّ يومٍ جُزءاً واحِداً.

خامساً: قُل بعدَ كلِّ صلاةٍ: أعوذُ بالله السَّميعِ العَليمِ من الشَّيطانِ الرَّجيمِ، مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْثِهِ وَنَفْخِهِ. ثمَّ اقرأ المعوِّذَتَينِ. ثمَّ قُل: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظَلَّتْ، وَرَبَّ الْأَرَضِينَ وَمَا أَقَلَّتْ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضَلَّتْ، كُنْ لِي جَاراً مِنْ شَرِّ خَلْقِكَ كُلِّهِمْ جَمِيعاً، أَنْ يَفْرُطَ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ، أَوْ أَنْ يَبْغِيَ، عَزَّ جَارُكَ، وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1045 مشاهدة