أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9185 - سؤال سيدنا زكريا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ

03-10-2018 9718 مشاهدة
 السؤال :
سيدنا زكريا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سأل ربه عَزَّ وَجَلَّ الذرية لحمل الرسالة، فقال: ﴿وَإِنِّي خِفْتُ المَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرَاً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيَّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيَّاً﴾. وعندما بشره ربنا بالذرية بقوله: ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُـبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيَّاً﴾. عندها قال سيدنا زكريا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرَاً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيَّاً﴾. فما وجه سؤاله؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9185
 2018-10-03

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَسَيِّدُنَا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِنْدَمَا تَكَفَّلَ السَّيِّدَةَ مَرْيَمَ، وَرَأَى إِكْرَامَ اللهِ تعالى لَهَا، حَيْثُ رَزَقَهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَحْتَسِبُ، دَعَا رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَرْزُقَهُ اللهُ تعالى الوَلَدَ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾.

فاسْتَجَابَ اللهُ تعالى دُعَاءَهُ، وَبَشَّرَتْهُ المَلَائِكَةُ بِسَيِّدِنَا يَحْيَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَكَانَ في سِنِّ الشَّيْخُوخَةِ، وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ عَاقِرَاً، قَالَ تعالى: ﴿فَنَادَتْهُ المَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقَاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّدَاً وَحَصُورَاً وَنَبِيَّاً مِنَ الصَّالِحِينَ﴾.

عِنْدَهَا تَعَجَّبَ سَيِّدُنَا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَقَالَ: ﴿رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾.

وَقَالَ تعالى عَنْ هَذَا التَّعَجُّبِ في سُورَةِ مَرْيَمَ: ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرَاً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيَّاً * قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئَاً﴾.

هَذَا التَّعَجُّبُ مِنْ سَيِّدِنَا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَيْسَ اسْتِبْعَادَاً لِقُدْرَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مَعَاذَ اللهِ، وَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَهُوَ الذي رَأَى خَرْقَ العَوَائِدِ للسَّيِّدَةِ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ.

لَقَد تَعَجَّبَ سَيِّدُنَا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حِينَ أُجِيبَ دُعَاؤُهُ، وَفَرِحَ فَرَحَاً شَدِيدَاً، وَلَكِنَّهُ سَأَلَ عَنْ كَيْفِيَّةِ مَا يُولَدُ لَهُ، وَالوَجْهِ الذي يَأْتِيهِ مِنْهُ الوَلَدُ، مَعَ أَنَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ عَاقِرَاً لَمْ تَلِدْ مِنْ أَوَّلِ عُمُرِهَا، مَعَ كِبَرِهِ وَكِبَرِهَا.

يَسْأَلُ مُتَأَثِّرَاً بِالأَحْوَالِ المُعْتَادَةِ، هُوَ كَبِيرٌ في السِّنِّ، وَهِيَ عَاقِرٌ، كَيْفَ سَيَكُونُ هَذَا الوَلَدُ، هَلْ مِنْ زَوْجَةٍ ثَانِيَةٍ، أَمْ بِأَيِّ طَرِيقَةٍ سَيَأْتِيهِ الوَلَدُ؟

فَبَيَّنَ اللهُ تعالى كَيْفَ يَكُونُ الوَلَدُ: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾.

وبناء على ذلك:

فَمَعَاذَ اللهِ تعالى أَنْ يَكُونَ سَيِّدُنَا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُسْتَبْعِدَاً لِقُدْرَةِ اللهِ تعالى، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ وَصْفِ المُؤْمِنِ، فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ وَصْفِ نَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ؟

وَلَكِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَعْرِفَ بِأَيِّ طَرِيقٍ سَيَكُونُ لَهُ الوَلَدُ؟ أَيُوهَبُ لَهُ وَهُوَ وَامْرَأَتُهُ بِتِلْكَ الحَالِ مِنَ الكِبَرِ، أَمْ يُحَوَّلَانِ شَابَّيْنِ؟ أَمْ يُزَوِّجُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ غَيْرَهَا؟

فَجَاءَ البَيَانُ الإِلَهِيُّ: ﴿وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾.

اللَّهُمَّ يَا رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، بِقُدْرَتِكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، أَكْرِمْ كُلَّ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ طَيِّبَةٍ مُبَارَكَةٍ جَمِيلَةٍ بِخَلْقِهَا وَخُلُقِهَا مَعَ الاسْتِقَامَةِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
9718 مشاهدة