أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7752 - «فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ»

16-12-2016 4538 مشاهدة
 السؤال :
جاء في الحديث عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً، فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ، وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: «إِنَّ المَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ». ما صحة هذا الحديث؟ وإن كان صحيحاً فماذا يفعل شباب اليوم؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7752
 2016-12-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: هَذَا الحَدِيثُ صَحِيحٌ رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ.

ثانياً: تَعَمُّدُ النَّظَرِ إلى النِّسَاءِ الأَجْنَبِيَّاتِ (غَيْرِ المَحارِمِ) لَا يَجُوزُ شَرْعَاً، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾. وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ».

فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا.

قَالَ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا».

قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟

قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بِالمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلِمَا رَوَى الترمذي وأبو داود عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ».

وروى أبو داود عَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ؟

فَقَالَ: «اصْرِفْ بَصَرَكَ».

ثالثاً: سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ، وَهُوَ مَحْفُوظٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَيِّ مُخَالَفَةٍ، وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَالِكٌ إِرْبَهُ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُنِي وَهُوَ صَائِمٌ، وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ، كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَمْلِكُ إِرْبَهُ؟

رابعاً: سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُـشَرِّعٌ للأُمَّةِ بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، فَعِنْدَمَا وَقَعَ بَصَرُهُ على تِلْكَ المَرْأَةِ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ أَتَى أَهْلَهُ السَّيِّدَةَ زَيْنَبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَفَعَلَ ذَلِكَ لِيُقْتَدَى بِهِ في الفِعْلِ، وَيُمْتَثَلَ أَمْرُهُ بِالقَوْلِ، فَعَلَّمَ الأُمَّةَ في هَذِهِ المَسْأَلَةِ بِالفِعْلِ وَالقَوْلِ.

وبناء على ذلك:

فَالحَدِيثُ الشَّرِيفُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ، وَلَيْسَ فِيهِ إِشَارَةً إلى أَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَعَرَ بِحَاجَتِهِ لِإِتْيَانِ أَهْلِهِ عِنْدَمَا رَأَى المَرْأَةَ، وَلَكِنْ فَعَلَ ذَلِكَ تَشْرِيعَاً، فَحَاشَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ المَحْفُوظُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ لِوُجُودِ حَاجَةٍ شَعَرَهَا بِنَفْسِهِ الطَّاهِرَةِ الشَّرِيفَةِ.

وفي الحَدِيثِ تَعْلِيمٌ للأُمَّةِ بِأَنَّهُ إِذَا رَأَى رَجُلٌ امْرَأًةً عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَتَحَرَّكَتْ شَهْوَتُهُ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ، لِأَنَّهُ مِنَ المَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَقَصَّدَ الرَّجُلُ النَّظَرَ إلى النِّسَاءِ غَيْرِ المَحَارِمِ.

وَأَمَّا مَاذَا يَجِبُ على شَبَابِ الأُمَّةِ اليَوْمَ، فَهُوَ أَنْ يَمْتَثِلُوا أَمْرَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» رواه الشيخان عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَعَلَى شَبَابِ اليَوْمِ الْتِزَامُ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحَاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾. وَعَلَيْهِمْ بِغَضِّ البَصَرِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
4538 مشاهدة
الملف المرفق