أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6709 - العرف وأحكامه

04-02-2015 81 مشاهدة
 السؤال :
هل كل عُرف في المجتمع يجب الالتزام به، لأن العُرف مصدر من مصادر التشريع؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6709
 2015-02-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَلَيسَ كُلُّ عُرْفٍ قَامَ بِهِ المُجتَمَعُ يَجِبُ الالتِزَامُ بِهِ، لأنَّ هُنَاكَ بَعْضَ الأَعرَافِ حَرَّمَهَا الشَّرعُ الشَّرِيفُ، كَعَادَةِ التَّبَرُّجِ في الجَاهِلِيَّةِ، وطَوَافِهِم في البَيتِ عُرَاةً، والجَمْعِ بَينِ الأُختَينِ، ونِكَاحِ زَوجَةِ الأَبِ.

وهُنَاكَ عُرْفٌ اعتَبَرَهُ الشَّرعُ، كَمُرَاعَاةِ الكَفَاءَةِ في النِّكَاحِ، وَوَضْعِ الدِّيَةِ على العَاقِلَةِ، فهذا يَجِبُ الأَخْذُ بِهِ.

وهُنَاكَ عُرْفٌ لَم يَقُمِ الدَّلِيلُ الشَّرعِيُّ على اعتِبَارِهِ، أو نَفْيِهِ، وهذا العُرْفُ ذَهَبَ جُمهُورُ الفُقَهَاءِ إلى اعتِبَارِهِ ومُرَاعَاتِهِ، وبَنَوا عَلَيهِ كَثِيرَاً من الأَحكَامِ، وهذا ثَابِتٌ في القُرآنِ الكَرِيمِ، كَقَولِهِ تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً﴾. فَقَالُوا: لَيسَ للإِنفَاقِ تَقدِيرٌ شَرعِيٌّ، وإِنَّمَا أَحَالَهُ اللهُ تعالى على العَادَةِ.

وكذلكَ ثَابُتٌ بِنَصِّ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ، روى الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها، أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ.

فَقَالَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ». هذا أولاً.

ثانياً: جَعَلَ الفُقَهَاءُ شُرُوطَاً للأَخْذِ بالعُرْفِ، من هذهِ الشُّرُوطِ:

1ـ أن يَكُونُ العُرْفُ مُطَّرِدَاً، أو غَالِبَاً.

2ـ أن يَكُونَ عَامَّاً.

3ـ أن لا يَكُونَ مُخَالِفَاً لِنَصٍّ شَرعِيٍّ.

4ـ أن لا يُعَارِضَ العُرْفَ تَصْرِيحٌ بِخِلافِهِ.

5ـ أن يَكُونُ العُرْفُ قَائِمَاً عِندَ إِنشَاءِ التَّصَرُّفِ.

وبناء على ذلك:

فَلَيسَ كُلُّ عُرْفٍ تَعَارَفَهُ النَّاسُ يَجِبُ الالتِزَامُ بِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
81 مشاهدة
الملف المرفق