أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9130 - ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ﴾

30-08-2018 6537 مشاهدة
 السؤال :
ما هو تفسير قول الله تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9130
 2018-08-30

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ﴾. رَاجِعٌ إلى العَبْدِ الذي قَالَ الله تعالى فِيهِ: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾.

يُخْبِرُ اللهُ تعالى بِأَنَّهُ مَا مِنْ عَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا وَلَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنَ المَلَائِكَةِ يَتَعَاقَبُونَ عَلَيْهِ، حَرَسٌ بِاللَّيْلِ، وَحَرَسٌ بِالنَّهَارِ، يَحْفَظُونَهُ مِنَ الأَسْوَاءِ وَالحَادِثَاتِ، كَمَا يَتَعَاقَبُ مَلَائِكَةٌ آخَرُونَ لِحِفْظِ الأَعْمَالِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ.

روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ».

وروى الترمذي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّيَ، فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إِلَّا عِنْدَ الغَائِطِ، وَحِينَ يُـفْضِي الرَّجُلُ إِلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ».

وبناء على ذلك:

فَالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ﴾. رَاجِعٌ إلى العَبْدِ، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ مَا مِن عَبْدٍ إِلَّا وَلَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنَ المَلَائِكَةِ الحَفَظَةِ، وَوَصَفَهُمْ بِالمُعَقِّبَاتِ، إِمَّا لِأَجْلِ أَنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ تَعْقِبُ مَلَائِكَةِ النَّهَارِ، وَبِالعَكْسِ، وَإِمَّا لِأَجْلِ أَنَّهُمْ يَتَعَقَّبُونَ أَعْمَالَ العِبَادِ وَيَتَتَبَّعُونَهَا بِالحِفْظِ وَالكُتُبِ.

وَلَهُ مُعَقِّبَاتٌ كَذَلِكَ يَحْفَظُونَهُ بِأَمْرِ اللهِ تعالى، وَيَدْفَعُونَ عَنْهُمُ البَلَاءَ إِذَا نَامُوا وَغَفَلُوا، أَو إِذَا انْتَبَهُوا وَقَامُوا، وفي جَمِيعِ أَحْوَالِهِمْ، وَهَذَا مَعْنَى: ﴿مِنْ أَمْرِ اللهِ﴾. يَعْنِي: عَنْ أَمْرِ اللهِ يَحْفَظُونَهُ، لَا عَنْ أَمْرِ أَنْفُسِهِمْ، فَهُمْ مُوَكَّلُونَ بِهِ بِحِفْظِهِ مِنَ اللهِ تعالى وَبِأَمْرِهِ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ، كَقَوْلِهِ تعالى: ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ﴾. يَعْني عَنْ جُوعٍ.

لِأَنَّهُ لَا أَحَدَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرُدَّ قَدَرَ اللهِ تعالى، فَإِذَا جَاءَ قَدَرُ اللهِ تعالى الذي قُدِّرَ عَلَيْهِ أَنْ يَقَعَ بِهِ وَقَعَ، وَتَتَخَلَّى عَنْهُ المَلَائِكَةُ بِأَمْرِ اللهِ تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
6537 مشاهدة