أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8526 - الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

05-12-2017 139 مشاهدة
 السؤال :
هناك من يقول أن الخلفاء الراشدين لم يحتفلوا بميلاد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فماذا نجيبهم؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8526
 2017-12-05

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أَيْنَ المُشْكِلَةُ لَوْ لَمْ يَحْتَفِلْ بِذِكْرَى مَوْلِدِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ إلى يَوْمِنَا هَذَا، وَنَحْنُ نَقُومُ بِفِعْلِ المَوْلِدِ مَعَ الاعْتِقَادِ بِعَدَمِ سُنِّيَّتِهِ؟

الاحْتِفَالُ بِالمَولِدِ أَمْرٌ مُبَاحٌ، وَمَنْ قَالَ أَنَّهُ حَرَامٌ أَو بِدْعَةٌ في دِينِ اللهِ تعالى فَلْيَأْتِ بِالدَّلِيلِ، وَإِلَّا كَانَ هُوَ المُبْتَدِعَ في دِينِ اللهِ تعالى، وَكَانَ مُنْدَرِجَاً تَحْتَ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾.

وبناء على ذلك:

وَلَو لَمْ يَحْتَفِلْ سَلَفُ الأُمَّةِ بِذِكْرَى المَوْلِدِ، وَاحْتَفَلَ النَّاسُ اليَوْمَ بِذِكْرَى مَوْلِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مَعَ الاعْتِقَادِ بِعَدَمِ سُنِّيَّتِهِ؛ نَعَمْ، نَقُولُ أَنَّهُ بِدْعَةٌ إِذَا قَالَ المُحْتَفِلُونَ بِذِكْرَى المَوْلِدِ: الاحْتِفَالُ بِيَوْمِ المَوْلِدِ سُنَّةٌ.

وَأَنَا عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّهُ مَا أَحَدٌ يَجْرُؤُ عَلَى ذَلِكَ، فَهُوَ أَمْرٌ مُبَاحٌ، مَنْ شَاءَ فَعَلَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ؛ وَمَنْ أَنْكَرَ عَلَى فَاعِلِهِ فَلْيَأْتِ بِالدَّلِيلِ عَلَى تَحْرِيمِ هَذَا.

الاجْتِمَاعُ بِذِكْرَى المَوْلِدِ لِتِلَاوَةِ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَلِمَدِيحِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلِسَمَاعِ سِيرَتِهِ وَشَمَائِلِهِ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ قَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» رواه الإمام مسلم عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَقَدْ وَرَدَ في السِّيرَةِ لابْنِ كَثِيرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: كُنَّا نُعَلَّمُ مَغَازِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَمَا نُعَلَّمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ.

وَلَنَا في هَؤُلَاءِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ بِأَنْ نُعَلِّمَ أَبْنَاءَنَا ذَلِكَ، وَنَجْعَلَ ذَلِكَ في سَائِرِ الأَوْقَاتِ عَامَّةً، وَفِي ذِكْرَى مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، فَفِعْلُ الخَيْرَاتِ لَا يُمْنَعُ في أَيِّ وَقْتٍ مِنَ الأَوْقَاتِ، وَيُحَضُّ عَلَيْهِ في أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ بِأَمْرِ اللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾. وَأَيُّ يَوْمٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا اليَوْمِ، وَقَدْ أَمَرَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ نُكْثِرَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَبَيَّنَ خُصُوصِيَّةَ ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ تعالى خَلَقَ فِيهِ سَيِّدَنَا آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، أَوَلَيْسَتْ خُصُوصِيَّةُ مَوْلِدِ سَيِّدِ المُرْسَلِينَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَعْظَمِ الخُصُوصِيَّاتِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
139 مشاهدة