75-مع الصحابة وآل البيت :سعد بن أبي وقاص من مجابي الدعاء

75-مع الصحابة وآل البيت :سعد بن أبي وقاص من مجابي الدعاء

.

مع الصحابة وآل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم

75ـ سعد بن أبي وقاص من مجابي الدعاء

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْـمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدَاً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ * وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغَاً لِقَوْمٍ عَابِدِينَ﴾.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي، لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضَاً بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللهَ، وَمَنْ آذَى اللهَ فَيُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ» رواه الإمام أحمد والترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبَاً مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلَا نَصِيفَهُ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

مِنْ هَؤُلَاءِ الذينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللهِ الحُسْنَى، فَكَانَ أَحَدَ العَشَرَةِ المُبَشَّرِينَ بِالجَنَّةِ، وَمِنَ الذينَ تُوُفِّيَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، وَهُوَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرَاً، فَكَانَ وَاحِدَاً مِنَ الذينَ قَالَ اللهُ لَهُمْ: «اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» رواه الشيخان عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَهُوَ أَحَدُ الذينَ بَايَعُوا سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِبَيْعَةِ الرَّضْوَانِ، فَقَالَ اللهُ تعالى عَنْهُمْ: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْـمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحَاً قَرِيبَاً﴾.

هَذَا الصَّحَابِيُّ الجَلِيلُ هُوَ خَالُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، هُوَ سَيِّدُنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ذَاكَ الشَّابُّ الفَتَى الذي أَكْرَمَهُ اللهُ تعالى بِالإِسْلَامِ وَهُوَ ابْنُ السَّابِعَةَ عَشَرَة مِنْ عُمُرِهِ، الذي كَانَ يَضُمُّ بَيْنَ بُرْدَيْهِ شَخْصِيَّةً عَظِيمَةً حَمَلَتْ رَجَاحَةَ الكُهُولِ، وَحِكْمَةَ الشُّيُوخِ، ذَاكَ الشَّابُّ الفَتَى الذي كَانَ أُسْوَةً لِشَبَابِ جَمِيعِ الأَجْيَالِ إِذَا أَرَادُوا الكَمَالَ، وَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَجْعَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ لِسَانَ صِدْقٍ في الآخِرِينَ؛ لَقَدْ كَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ في الإِسْلَامِ.

«أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ»:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ بَايَعَ سَيِدُنَا سَعْدٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَصَدَقَ في بَيْعَتِهِ، وَكَانَ حَرِيصَاً كُلَّ الحِرْصِ على السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ للهِ وَلِرَسُولِهِ، وَكَانَ شَدِيدَ الحَذَرِ مِنَ الوُقُوعِ في المُخَالَفَةِ، لِأَنَّهُ سَمِعَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. وَسَمِعَ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي» رواه الإمام البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: جَاءَ سَيِّدُنَا سَعْدٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَسْأَلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: تُلِيَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالَاً طَيِّبَاً﴾.

فَقَامَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا سَعْدُ، أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ».

ثمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمَيْتَهُ، وَأَجِبْ دَعْوَتَهُ» رواه الحاكم عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

الحَذَرَ الحَذَرَ مِنَ الحَرَامِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَنْ أَرَادَ اسْتِجَابَةَ الدُّعَاءِ فَعَلَيْهِ بِطِيبِ الطَّعَامِ، وَلْيَحْذَرْ كُلَّ الحَذَرِ مِنَ الحَرَامِ بِكُلِّ صُوَرِهِ وَأَشْكَالِهِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبَاً، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْـمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْـمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحَاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾. وَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾.

ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَـشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

جَاءَ في مَوَارِدِ الظَّمْآنِ: وَرُوِيَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَقُولُ: خَصْلَةٌ مِنَ ابْنِ آدَمَ أُرِيدُهَا ثمَّ أُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُرِيدُ مِنَ العِبَادَةِ، أَجْعَلُ كَسْبَهُ مِنْ غَيْرِ حِلٍّ، إِنْ تَزَوَّجَ تَزَوَّجَ مِنْ حَرَامٍ، وَإِنْ أَفْطَرَ أَفْطَرَ على حَرَامٍ، وَإِنْ حَجَّ حَجَّ مِنْ حَرَامٍ.

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: بَلَغَنِي أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قُحِطُوا سَبْعَ سِنِينَ حَتَّى أَكَلُوا المَيْتَةَ مِنَ المَزَابِلِ وَأَكَلُوا الأَطْفَالَ، وَكَانُوا كَذَلِكَ يَخْرُجُونَ إلى الجِبَالِ يَبْكُونَ وَيَـتَضَرَّعُونَ فَأَوْحَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إلى أَنْبِيَائِهِمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، لَوْ مَشَيْتُمْ إِلَيَّ بِأَقْدَامِكُمْ حَتَّى تَحْفَى رُكَبُكُمْ وَتَبْلُغَ أَيْدِيْكُمْ عَنَانَ السَّمَاءِ وَتَكَلَّ أَلْسِنَتَكُمْ عَنِ الدُّعَاءِ، فَإِنِّي لَا أُجِيبُ لَكُمْ دَاعِيَاً، وَلَا أَرْحَمُ لَكُمْ بَاكِيَاً حَتَّى تَرُدُّوا المَظَالِمَ إِلَى أَهْلِهَا، فَفَعَلُوا فَمُطِرُوا مِنْ يَوْمِهِمْ. كَذَا في نَضْرَةِ النَّعِيمِ.

سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ مِنْ مُجَابِي الدُّعَاءِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَنَّ سَعْدَاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ امْتَثَلَ أَمْرَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَطِبْ مَطْعَمَكَ». انْظُرُوا في اسْتِجَابَةِ دُعَائِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أولاً: روى الإمام البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: شَكَا أَهْلُ الكُوفَةِ سَعْدَاً إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَعَزَلَهُ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمَّارَاً، فَشَكَوْا حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، إِنَّ هَؤُلاَءِ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لَا تُحْسِنُ تُصَلِّي.

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: أَمَّا أَنَا وَاللهِ فَإِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا أَخْرِمُ عَنْهَا (أَيْ: لَا أُنْقِصُ) أُصَلِّي صَلَاةَ العِشَاءِ، فَأَرْكُدُ فِي الأُولَيَيْنِ وَأُخِفُّ فِي الأُخْرَيَيْنِ.

قَالَ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ، فَأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلَاً أَوْ رِجَالَاً إِلَى الكُوفَةِ، فَسَأَلَ عَنْهُ أَهْلَ الكُوفَةِ وَلَمْ يَدَعْ مَسْجِدَاً إِلَّا سَأَلَ عَنْهُ، وَيُثْنُونَ مَعْرُوفَاً، حَتَّى دَخَلَ مَسْجِدَاً لِبَنِي عَبْسٍ.

فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ قَتَادَةَ يُكْنَى أَبَا سَعْدَةَ قَالَ: أَمَّا إِذْ نَشَدْتَنَا فَإِنَّ سَعْدَاً كَانَ لَا يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ، وَلَا يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَلَا يَعْدِلُ فِي القَضِيَّةِ.

قَالَ سَعْدٌ: أَمَا وَاللهِ لَأَدْعُوَنَّ بِثَلاَثٍ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِبَاً، قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَأَطِلْ عُمْرَهُ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ بِالفِتَنِ.

وَكَانَ بَعْدُ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ: شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ.

قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ، قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الكِبَرِ، وَإِنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي فِي الطُّرُقِ يَغْمِزُهُنَّ.

ثانياً: جَاءَ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَجُلَاً نَالَ مِنْ عَلِيٍّ، فَنَهَاهُ سَعْدٌ، فَلَمْ يَنْتَهِ، فَدَعَا عَلَيْهِ، فَمَا بَرِحَ حَتَّى جَاءَ بَعِيْرٌ نَادٌّ، فَخَبَطَهُ حَتَّى مَاتَ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: قُولُوا لِشَبَابِ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَيْنَ نَحْنُ وَأَنْتُمْ مِنْ سَيِّدِنَا سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ؟ ذَاكَ الشَّابُّ الذي غُذِّيَ جَسَدُهُ بِالحَلَالِ فَكَانَ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، كَانَ صَابِرَاً على قَضَاءِ اللهِ تعالى وَقَدَرِهِ، وَكَانَ يَرَى قَضَاءَ اللهِ تعالى لَهُ، أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا يُرِيدُهُ هُوَ لِنَفْسِهِ.

جَاءَ في مَدَارِجِ السَّالِكِينَ: لَمَّا قَدِمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى مَكَّةَ ـ وَقَدْ كُفَّ بَـصَرُهُ ـ جَعَلَ النَّاسُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ لِيَدْعُوَ لَهُمْ؛ فَجَعَلَ يَدْعُو لَهُمْ.

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ السَّائِبِ: فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا غُلَامٌ، فَتَعَرَّفْتُ إِلَيْهِ، فَعَرَفَنِي.

فَقُلْتُ: يَا عَمُّ، أَنْتَ تَدْعُو لِلنَّاسِ فَيُشْفَوْنَ، فَلَوْ دَعَوْتَ لِنَفْسِكَ لَرَدَّ اللهُ عَلَيْكَ بَصَرَكَ.

فَتَبَسَّمَ؛ ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ، قَضَاءُ اللهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَصَرِي.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا كَسَيِّدِنَا سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. آمين.

**        **     **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 27/ ذو الحجة /1437هـ، الموافق: 29/أيلول / 2016م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم

13-03-2020 1395 مشاهدة
170ـ موقف الفاروق رضي الله عنه من شارب الخمر

نَحْنُ اليَوْمَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى الوُقُوفِ أَمَامَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ ... المزيد

 13-03-2020
 
 1395
13-02-2020 1952 مشاهدة
169ـ هكذا كان أبو الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

الحِرْصُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالأَوْلَادِ مَطْلَبٌ مِنْ مَطَالِبِ الشَّرِيعَةِ، لِأَنَّ الأَبَوَيْنِ مَسْؤُولَانِ عَنِ الذُّرِّيَّةِ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارَاً وَقُودُهَا النَّاسُ ... المزيد

 13-02-2020
 
 1952
23-01-2020 2585 مشاهدة
168ـ إسلام أبي الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

إِنَّ اللهَ تعالى سَيَسْأَلُ عَنْ صُحْبَةِ سَاعَةٍ، فَهَلِ الوَاحِدُ مِنَّا حَرِيصٌ عَلَى صَاحِبِهِ يُذَكِّرُهُ بِاللهِ تعالى؟ لِأَنَّ الذي يَصْطَفي لِنَفْسِهِ صَاحِبَاً فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى حُبِّهِ لِصَاحِبِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ صَاحِبَهُ في ... المزيد

 23-01-2020
 
 2585
16-01-2020 990 مشاهدة
167ـ الزبير نموذج للغني المسلم

لَقَدْ طَبَعَ اللهُ تعالى الإِنْسَانَ عَلَى حُبِّ المَالِ، وَجَعَلَهُ مِنِ زِينَةِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، قَالَ تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابَاً وَخَيْرٌ ... المزيد

 16-01-2020
 
 990
09-01-2020 1327 مشاهدة
166ـ حب سيدنا الزبير رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

إِنَّ حُبَّ اللهِ تعالى، وَحُبَّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يُعْطِيَانِ للإِنْسَانِ الكَمَالَ وَالشَّرَفَ وَالعِزَّةَ وَالرِّفْعَةَ وَالمَكَانَةَ، بَلْ يُعْطِيَانِ الُمؤْمِنَ القُدْرَةَ ... المزيد

 09-01-2020
 
 1327
03-01-2020 1023 مشاهدة
165ـ صاحب رسول الله منذ أن بعث

زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَعُدَّةُ الزَّمَانِ بَعْدَ اللهِ تعالى الشَّبَابُ النَّاشِؤُونَ في طَاعَةِ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، الذينَ تَكَادُ أَنْ لَا تَعْرِفَ لَهُمْ زَلَّةً، أَو تُعْهَدَ عَنْهُمْ صَبْوَةٌ، الذينَ يَتَسَابَقُونَ في مَيَادِينِ ... المزيد

 03-01-2020
 
 1023

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412849461
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :