129ـ مع الحبيب المصطفى: «يَا زَيْدُ, إنَّ اللهَ جَاعِلٌ لِمَا تَرَى فَرْجاً وَمَخْرَجاً»

129ـ مع الحبيب المصطفى: «يَا زَيْدُ, إنَّ اللهَ جَاعِلٌ لِمَا تَرَى فَرْجاً وَمَخْرَجاً»

 

 مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

129ـ «يَا زَيْدُ، إنَّ اللهَ جَاعِلٌ لِمَا تَرَى فَرْجاً وَمَخْرَجاً»

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ لَذَّةَ الحَياةِ الدُّنيا، وحَلاوَةَ أعمارِنا، وجَمالَ عَيشِنا، ورَاحَةَ نُفوسِنا، هيَ في شُعُورِنا بِفَقْرِنا إلى الله تعالى القَائِلِ في كِتابِهِ العَظيمِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى الله واللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾.

وإذا غُرِسَ هذا الشُّعُورُ في قُلوبِنا، وبَاشَرَ شِفافَ قُلوبِنا، فهذا هوَ بِدَايَةُ الغِنَى، وبِدَايَةُ الرِّضا عن الله تعالى، لأنَّ حَقيقَةَ الغِنَى أن نَعيشَ فُقَراءَ إلى الله تعالى، وهذهِ هيَ حَقيقَةُ العُبُودِيَّةِ لله تعالى.

أيُّها الإخوة الكرام: يَجِبُ عَلَينا أن نَشهَدَ في كُلِّ ذَرَّةٍ من ذَرَّاتِنا الظَّاهِرَةِ والبَاطِنَةِ فَقْرَنا وفَاقَتَنا إلى الله تعالى، وإلى لُطْفِهِ وكَرَمِهِ وَعِنَايَتِهِ وحِفْظِهِ وتَيسيرِهِ وتَدبيرِهِ، وهذا هوَ عِزُّنا في الدُّنيا والآخِرَةِ، وهذا هوَ الذي يَرفَعُ العَبدَ، وبه يَنَالُ العِزَّةَ في الدُّنيا والآخِرَةِ.

كَيفَ لا يَكونُ حَالُ العَبدِ هكذا، وهوَ يَقرَأُ قَولَهُ تعالى: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ﴾؟

أينَ الوَلِيُّ من دُونِ الله عزَّ وجلَّ، وهوَ القَائِلُ: ﴿اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾. والقَائِلُ: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُم﴾؟ وأينَ الشَّفيعُ؟ وأينَ النَّصيرُ؟ واللهُ تعالى هوَ خَالِقُ السَّماواتِ والأرضِ ومن فِيهِنَّ، والكُلُّ في قَبضَتِهِ، أَفَلا تَتَذَكَّرُون؟

﴿إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾:

أيُّها الإخوة الكرام: الإنسانُ المُؤمِنُ عِندَما يَشعُرُ أنَّهُ في حِمايَةِ الله عزَّ وجلَّ، وأنَّ اللهَ تعالى مَولاهُ، وأنَّهُ يُدافِعُ عَنهُ، ويَرُدُّ عَنهُ سِهامَ المُعتَدينَ، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُور﴾. هل هُناكَ أحَدٌ أسعَدُ مِنهُ؟

وإذا كانَ اللهُ تعالى يُدَافِعُ عن الذينَ آمَنوا، فمن يُغالِبُ قَوماً يُدَافِعُ عَنهُمُ الجَبَّارُ العَزيزُ الذي لا يُغلَبُ؟ وأيُّ قُوَّةٍ تُوازِي قُوَّةَ الوَاحِدِ القَهَّارِ الذي لا يُعجِزُهُ شَيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ؟

أيُّها الإخوة الكرام: لا تَقولوا في الشَّدائِدِ والأزَماتِ: هَلَكَ المُؤمِنونَ، كَيفَ يَصِحُّ هذا القَولُ، واللهُ تعالى مَولاهُم؟ كَيفَ يَصِحُّ هذا القَولُ واللهُ تعالى يُدَافِعُ عَنهُم؟ ولكن قولوا: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾.

﴿وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾:

أيُّها الإخوة الكرام: يَجِبُ على المُؤمِنينَ أن يُبَشِّرَ بَعضُهُم بَعضاً، وأن يَزرَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُمُ الأمَلَ في نُفوسِ الآخَرينَ، وخاصَّةً في الأزَماتِ والمُلِمِّاتِ، لأنَّ النُّفوسَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى التَّفَاؤُلِ الذي يَدفَعُها إلى العَمَلِ.

هكذا كانَ هَدْيُ سَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وها هوَ الحَبيبُ المُصطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في أحلَكِ الظُّروفِ، وفي مُنتَهَى القَلَقِ والخَوفِ الذي أصَابَ الأُمَّةَ يَومَ حَفْرِ الخَندَقِ، وقد وَصَفَ اللهُ عزَّ وجلَّ حَالَهُم بِقَولِهِ تعالى مُذَكِّراً لَهُم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً * إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بالله الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُوراً﴾.

هُم في هذهِ الأزمَةِ والشِّدَّةِ، وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ، مَعَ استِقَامَتِهِم، مَعَ مَعِيَّتِهِم لِرَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مَعَ تَقواهُم وصَلاحِهِم، وَاجَهَتْهُم صَخرَةٌ شَقَّت عَليهِم، فأخبَروا سَيِّدَنا رَسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنها، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ، ثُمَّ هَبَطَ إِلَى الصَّخْرَةِ، فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بِسْمِ الله». فَضَرَبَ ضَرْبَةً، فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ وَقَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، والله إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا».

ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ الله». وَضَرَبَ أُخْرَى، فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ فَقَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، والله إِنِّي لَأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ، وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الْأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا».

ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ الله». وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، والله إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا» رواه الإمام أحمد عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

نعم أيُّها الإخوة الكرام: قَدَرُ اللهُ تعالى نَافِذٌ، وحَقَّاً كانَ كما بَشَّرَ سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

لِذا قولوا: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾.

﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾:

أيُّها الإخوة الكرام: إذا شَعَرَ العَبدُ بِمَعِيَّةِ الله عزَّ وجلَّ، وبِوِلايَتِهِ لَهُ، وبِدِفَاعِهِ عَنهُ، فَلْيَقُلْ عِندَ الشَّدَائِدِ والأزَماتِ والمِحَنِ: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللهُ الْمُسْتَعَانُ﴾. لأنَّهُ من المُحالِ دَوامُ الحَالِ.

هذا سَيِّدُنا بِلالٌ رَضِيَ اللهُ عنهُ الذي طَالَت إلَيهِ أيديِ القُرَشِيِّينَ عِندَما أسلَمَ، وكانوا إذا تَوَسَّطَتِ الشَّمسُ كَبِدَ السَّماءِ، والتَهَبَت رِمالُ مَكَّةَ بالرَّمضاءِ، يَنزِعونَ عَنهُ ثِيابَهُ، ويُلبِسونَهُ دِرعَ الحَديدِ، ويَصهَرونَهُ بِأَشِعَّةِ الشَّمسِ المُتَّقِدَةِ، ويُلهِبونَ ظَهرَهُ بالسِّياطِ، لأنَّهُ قالَ: رَبِّيَ اللهُ.

ويَطلُبونَ مِنهُ أن يَسُبَّ رَسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ولكنَّهُ كانَ يُجيبُ: أحَدٌ أحَدٌ، أحَدٌ أحَدٌ، أحَدٌ أحَدٌ.

﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللهُ الْمُسْتَعَانُ﴾ ومن المُحالِ دَوامُ الحَالِ، فهذا سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدخُلُ مَكَّةَ فَاتِحاً، ومَعَهُ سَيِّدُنا بِلالُ بنُ رَباحٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ مُؤَذِّنُهُ، وحِينَ دَخَلَ الكَعبَةَ المُعَظَّمَةَ لم يَكُنْ في صُحبَتِهِ إلا ثَلاثَةُ رِجالٍ، عُثمانُ بنُ طَلحَةَ ـ حَامِلُ مَفاتِيحِ الكَعبَةِ المُشَرَّفَةِ ـ وأُسامَةُ بنُ زَيدٍ ـ حِبُّ رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ وبِلالُ بنُ رَباحٍ ـ مُؤَذِّنُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ ولمَّا حَانَت صَلاةُ الظُّهرِ، وكانَتِ الأُلوفُ المُأَلَّفَةُ تُحيطُ بِسَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وكانَت قُرَيشٌ تَشهَدُ هذا المَشهَدَ العَظيمَ.

عِندَ ذلكَ دَعَا سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِلالَ بنَ رَباحٍ، وأمَرَهُ أن يَصعَدَ على ظَهرِ الكَعبَةِ، وأن يُعلِنَ كَلِمَةَ التَّوحِيدِ، وامتَدَّتِ الأعيُنُ نَحوَهُ، هذا بِلالُ الذي كانَ يُعَذَّبُ في مَكَّةَ، وكانَ يَقولُ: أحَدٌ أحَدٌ؟

وشَرَعَ بالأذانِ، فلمَّا وَصَلَ إلى قَولِهِ: أشهَدُ أنَّ مُحمَّداً رَسولُ الله.

قالت جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ أَبِي جَهْلٍ: قَدْ لَعَمْرِي رَفَعَ لَك ذِكْرَك، أَمَّا الصَّلَاةُ فَسَنُصَلِّي، والله لَا نُحِبُّ مَنْ قَتَلَ الْأَحِبَّةَ أَبَداً; وَلَقَدْ كَانَ جَاءَ أَبِي الذي جَاءَ مُحَمَّداً مِن النُّبُوَّةِ فَرَدَّهَا وَلَمْ يُرِدْ خِلَافَ قَوْمِهِ.

وَقَالَ خَالِدُ بْنُ أُسَيْدٍ: الْحَمْدُ لله الذي أَكْرَمَ أَبِي فَلَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْيَوْمَ.

وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ: وَاثُكْلَاه، لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ أَسْمَعُ بِلَالاً يَنْهَقُ فَوْقَ الْكَعْبَةِ.

وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ: هَذَا والله الْحَدَثُ الْعَظِيمُ أَنْ يَصِيحَ عَبْدُ بَنِي جُمَحَ عَلَى بَنِيَّةِ أَبِي طَلْحَةَ.

وقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: إنْ كَانَ هَذَا سَخَطَ الله فَسَيُغَيّرُهُ، وَإِنْ كَانَ رِضَاءَ الله فَسَيُقِرُّهُ.

وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَقُولُ شَيْئاً، لَوْ قُلْت شَيْئاً لَأَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الْحَصْبَاءُ.

فَأَتَى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلَامُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُمْ. مغازي الواقدي.

أيُّها الإخوة الكرام: صَدَقَ اللهُ تعالى القَائِلُ: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُم﴾.

فيا أيُّها المُؤمِنونَ: قولوا في الشَّدَائِدِ وفي الأزَماتِ والمُلِمَّاتِ: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللهُ الْمُسْتَعَانُ﴾. فاللهُ تعالى هوَ مَولاكُم، واللهُ تعالى هوَ تَوَلَّى الدِّفاعَ عَنكُم، ولكنَّ الأمرَ يَحتاجُ إلى صَبرٍ ومُصَابَرَةٍ.

خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: المُؤمِنُ الحَقُّ قَلبُهُ مَوصولٌ بالله تعالى، يَشعُرُ بِنَفَحاتِ الرَّحمنِ، لا يَيأَسُ من رَوحِ الله ولو أحاطَ بهِ الكَربُ، واشتَدَّ به الضِّيقُ، وهوَ في حَالَةِ أُنسٍ لِصِلَتِهِ بِرَبِّهِ عزَّ وجلَّ، ولِاطمِئنانِ قَلبِهِ وثِقَتِهِ بِمَولاهُ، كَيفَ لا يَكونُ هكذا، وهوَ على إيمانٍ كَامِلٍ بأنَّ ما شاءَ اللهُ كانَ، وما لم يَشَأْ لم يَكُن، وهوَ على ثِقَةٍ بِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا زَيْدُ، إنَّ اللهَ جَاعِلٌ لِمَا تَرَى فَرْجاً وَمَخْرَجاً، وَإِنَّ اللهَ نَاصِرٌ دِينَهُ، وَمُظْهِرٌ نَبِيَّهُ». من كِتابِ زادِ المَعادِ.

أيُّها الإخوة الكرام: لِنُظهِرْ عَجْزَنا وافتِقارَنا بَينَ يَدَيْ مَولانا، ولنَتَحَقَّقْ بِوَصْفِنا، فاللهُ تعالى يُمِدُّنا بِوَصْفِهِ، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى الله واللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾. تَحَقَّقْ يا عَبدَ الله بِوَصْفِكَ، يُمِدُّكَ اللهُ تعالى من وَصْفِهِ.

اللَّهُمَّ أَذِقْنا لَذَّةَ العُبودِيَّةِ، وأوقِفْنا على حَقيقَةِ أنفُسِنا. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 21/جمادى الأولى/1435هـ، الموافق: 21/نيسان/ 2014م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الحبيب المصطفى   

26-06-2019 2275 مشاهدة
316ـ العناية الربانية بالحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ سَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ المَوْجُودَاتِ، وَمِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِهِ صَلَّى ... المزيد

 26-06-2019
 
 2275
20-06-2019 1370 مشاهدة
315ـ سَيَبْلُغُ مَا بَلَغَ مُلْكُ كِسْرَى

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 20-06-2019
 
 1370
28-04-2019 1151 مشاهدة
315ـ«لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ المَلَائِكَةُ»

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1151
28-04-2019 1164 مشاهدة
314ـ في محط العناية

لَقَدِ رَحِمَ اللهُ تعالى هَذِهِ الأُمَّةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَشِّرَاً وَنَذِيرَاً، وَجَعَلَهُ خَاتَمَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَجَعَلَ شَرِيعَتَهُ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1164
21-03-2019 1732 مشاهدة
313- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾

فَعَلَى قَدْرِ التَّحَمُّلِ يَكُونُ الأَدَاءُ، وَبِحَسْبِ الشَّهَادَةِ تَكُونُ المُهِمَّةُ، لِذَلِكَ عَلَّمَ اللهُ تعالى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِفَضْلِهِ العَظِيمِ مَا لَمْ يَكُنْ ... المزيد

 21-03-2019
 
 1732
13-03-2019 1604 مشاهدة
312- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:«فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ»

وَجَاءَتْ تَارَةً بِمَدْحِ أَهْلِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾. وَقَالَ: ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. وَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا ... المزيد

 13-03-2019
 
 1604

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411966607
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :