586ـ خطبة الجمعة: صلاح الأبوين أمان للذرية

586ـ خطبة الجمعة: صلاح الأبوين أمان للذرية

 

586ـ خطبة الجمعة: صلاح الأبوين أمان للذرية

مقدمة الخطبة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا عِبَادَ اللهِ: مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ بِحَقٍّ إِلَّا وَهُوَ يَتَمَنَّى أَنْ يُكْرِمَهُ اللهُ تعالى بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ، يَعْتَزُّ بِهَا في دُنْيَاهُ، وَيَنْتَفِعُ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَيَجْتَمِعُ مَعَهَا في آخِرَتِهِ، في ﴿جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾.

الكَثِيرُ مِنَ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ يَدْعُونَ اللهَ تعالى لِأَبْنَائِهِمْ، كَدُعَاءِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَبْنَائِهِ، وَلِأَهْلِ بَلَدِهِ: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنَاً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾. وَهُنَا إِشَارَةٌ لِمَنْ تَنَبَّهَ إِلَيْهَا؛ لَقَدْ دَعَا سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَهْلِ بَلَدِهِ أَوَّلَاً، لِأَنَّ المُجْتَمَعَ لَهُ دَوْرٌ في صَلَاحِ الأَبْنَاءِ؛ ثُمَّ دَعَا لِأَبْنَائِهِ؛ عَرَفَ هَذَا مَنْ عَرَفَ، وَجَهِلَ هَذَا مَنْ جَهِلَ.

الكَثِيرُ مِنَّا يَدْعُو اللهَ تعالى لِذُرِّيَّتِهِ، كَمَا دَعَا سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾. يَا رَبِّ أَعِنْهُمْ عَلَى إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، لَا تُضَيِّعْهُمْ يَا رَبِّ، اجْعَلْهُمْ أَتْقِيَاءَ بَرَرَةً شَاكِرِينَ نِعَمَكَ، غَيْرَ كَافِرِينَ بِهَا.

الكَثِيرُ مِنَّا يَدْعُو اللهَ تعالى لِذُرِّيَّتِهِ، كَمَا دَعَا سَيِّدُنَا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيَّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيَّاً﴾.

الكَثِيرُ مِنَّا مَنْ يَدْعُو اللهَ تعالى لِذُرِّيَّتِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحَاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ المُسْلِمِينَ﴾.

يَا عِبَادَ اللهِ: الدُّعَاءُ للذُّرِّيَّةِ بِالصَّلَاحِ وَالهِدَايَةِ وَالسَّدَادِ وَالتَّوْفِيقِ، مَطْلُوبٌ مِنَّا شَرْعَاً، وَهُوَ خَيْرٌ كُلُّهُ، وَلَهُ أَثَرٌ كَبِيرٌ في صَلَاحِ الذُّرِّيَّةِ بِإِذْنِ اللهِ تعالى، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ الدُّعَاءُ لَهُمْ في الأَسْحَارِ مَعَ الاسْتِغْفَارِ لَهُمْ: ﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾. وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ الدُّعَاءُ دُعَاءَ العَبْدِ المُضْطَرِّ.

صَلَاحُ الأَبَوَيْنِ أَمَانٌ للذُّرِّيَّةِ:

يَا عِبَادَ اللهِ: مِنْ حَقِّ الأَبْنَاءِ عَلَى الآبَاءِ الدُّعَاءُ لَهُمْ بِالصَّلَاحِ وَالهِدَايَةِ وَالسَّدَادِ، بَلْ أَقُولُ: لَقَدْ دَعَانَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى الدُّعَاءِ لَهُمْ قَبْلَ خَلْقِهِمْ وَتَكْوِينِهِمْ، فَعَلَّمَ الزَّوْجَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ أَنْ يَقُولَ: «بِاسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا» روى الشيخان عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ فَقَالَ: بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ، لَمْ يَـضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدَاً».

وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ الأَهَمَّ مِنَ الدُّعَاءِ هُوَ صَلَاحُنَا نَحْنُ أَوَّلَاً، صَلَاحُ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ هُوَ الأَهَمُّ في تَرْبِيَةِ الذُّرِّيَّةِ، هُوَ الأَهَمُّ في الأَمَانِ وَالمُحَافَظَةِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ، قَالَ تعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافَاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلَاً سَدِيدَاً﴾.

مَنْ أَرَادَ صَلَاحَ الذُّرِّيَّةِ وَهِدَايَةَ الذُّرِّيَّةِ فَلْيَكُنْ هُوَ صَالِحَاً؛ فَصَلَاحُكَ يَا أَيُّهَا الأَبُ، وَصَلَاحُكِ يَا أَيَّتُهَا الأُمُّ، هُوَ خَيْرُ رَصِيدٍ لِذُرِّيَّتِكُمَا تُؤَمِّنَانِ عَلَيْهِمْ بَعْدَ مَوْتِكُمَا.

وَلَا تَظُنُّوا أَنَّ عُقُودَ التَّأْمِينِ عَلَى الأَمْوَالِ هِيَ سِرُّ سَعَادَةِ أَبْنَائِكُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ، عُقُودُ التَّأْمِينِ التي تَجْرِي اليَوْمَ في المُجْتَمَعِ مَا هِيَ إِلَّا عُقُودلقدٌ رِبَوِيَّةٌ مُهَدَّدَةٌ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾.

روى الطَّبَرَانِيُّ في الصَّغِيرِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نَشَدَ اللهُ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِهِ أَكْثَرَ لَهُمَا مِنَ المَالِ وَالْوَلَدِ، فَقَالَ لِأَحَدِهِمَا: أَيْ فُلَانُ.

فَقَالَ: لَبَّيْكَ رَبِّ وَسَعْدَيْكَ.

قَالَ: أَلَمْ أُكْثِرْ لَكَ مِنَ المَالِ وَالْوَلَدِ؟

قَالَ: بَلَى أَيْ رَبِّ.

قَالَ: فَكَيْفَ صَنَعْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ؟

قَالَ: تَرَكْتُهُ لِوَلَدِي مَخَافَةَ الْعَيْلَةِ عَلَيْهِمْ.

قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ تَعْلَمُ الْعِلْمَ لَضَحِكْتَ قَلِيلَاً وَلَبَكَيْتَ كَثِيرَاً، أَمَا إِنَّ الَّذِي تَخَوَّفْتَ عَلَيْهِمْ قَدْ أَنْزَلْتُهُ بِهِمْ.

وَيَقُولُ لِلْآخَرِ: أَيْ فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ.

فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ أَيْ رَبِّ وَسَعْدَيْكَ.

قَالَ: أَلَمْ أُكْثِرْ لَكَ مِنَ المَالِ وَالْوَلَدِ؟

قَالَ: بَلَى أَيْ رَبِّ.

قَالَ: فَكَيْفَ صَنَعْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ؟

قَالَ: أَنْفَقْتُهُ فِي طَاعَتِكَ، وَوَثِقْتُ لِوَلَدِي مِنْ بَعْدِي بِحُسْنِ عَدْلِكَ.

فَقَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ تَعْلَمُ الْعِلْمَ لَضَحِكْتَ كَثِيرَاً وَلَبَكَيْتَ قَلِيلَاً، أَمَا إِنَّ الَّذِي وَثِقْتَ لَهُمْ قَدْ أَنْزَلْتُهُ بِهِمْ».

يَا عِبَادَ اللهِ: إِنَّ صَلَاحَ ذُرِّيَّتِنَا مُرْتَبِطٌ بِدَايَةً بِصَلَاحِنَا كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافَاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلَاً سَدِيدَاً﴾. صَلَاحُ ذُرِّيَّتِنَا لَهُ قِسْطَانِ: القِسْطُ الأَوَّلُ تَقْوَانَا للهِ تعالى، وَالقِسْطُ الثَّانِي أَنْ نَقُولَ قَوْلَاً سَدِيدَاً.

فَمَنْ دَفَعَ القِسْطَيْنِ حَفِظَ اللهُ تعالى لَهُ ذُرِّيَّتَهُ، قَالَ تعالى في سُورَةِ الكَهْفِ: ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحَاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

يَا عِبَادَ اللهِ: إِذَا أَرَدْنَا بِصِدْقٍ صَلَاحَ ذُرِّيَّتِنَا فَالدُّعَاءُ وَحْدَهُ لَا يَكْفِيهِمْ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ تَقْوَانَا نَحْنُ أَوَّلَاً، تَقْوَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ للهِ تعالى؛ فَأَيْنَ تَقْوَانَا للهِ تعالى؟

صَلَاحُ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ يَحْفَظُ الأَبْنَاءَ وَالذُّرِّيَّةَ، وَيَحْفَظُ مُسْتَقْبَلَهُمْ؛ صَلَاحُ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ يَبْلُغُ الذُّرِّيَّةَ، وَقِيلَ إِنَّهُ يَصِلُ إلى السَّابِعِ مِنَ الذُّرِّيَّةَ، جَاءَ في الأَثَرِ كَمَا في حِلْيَةِ الأَولِيَاءِ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي بَعْضِ مَا يَعْتِبُ بِهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: إِنِّي إِذَا أُطِعْتُ رَضِيتُ، وَإِذَا رَضِيتُ بَارَكْتَ، وَلَيْسَ لِبَرَكَتِي نِهَايَةٌ، وَإِذَا عُصِيْتُ غَضِبْتُ، وَإِذَا غَضِبْتُ لَعَنْتُ، وَإِنَّ اللَّعْنَةَ تَبْلُغُ مِنِّي الْوَلَدَ السَّابِعَ.

يَا عِبَادَ اللهِ: لَمَّا حَضَرَتِ الوَفَاةُ سَيِّدَنَا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قِيلَ لَهُ: هَؤُلَاءِ بَنُوكَ ـ وَكَانُوا اثْنَا عَشَرَ ـ أَلَا تُوصِي لَهُمْ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُمْ فُقَرَاءُ؟

فَقَالَ: ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾. وَاللهِ لَا أُعْطِيهِمْ حَقَّ أَحَدٍ؛ وَهُمْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، إِمَّا صَالِحٌ فَاللهُ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ، وَإِمَّا غَيْرُ صَالِحٍ فَمَا كُنْتُ لِأُعِينَهُ عَلَى فِسْقِهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: فَلَا أُبَالِي فِي أَيِّ وَادٍ هَلَكَ.

وَفِي رِوَايَةٍ: أَفَأَدَعُ لَهُ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ، فَأَكُونُ شَرِيكَهُ فِيمَا يَعْمَلُ بَعْدَ المَوْتِ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ.

ثُمَّ اسْتَدْعَى بِأَوْلَادِهِ فَوَدَّعَهُمْ وَعَزَّاهُمْ بِهَذَا، وَأَوْصَاهُمْ بِهَذَا الْكَلَامِ، ثُمَّ قَالَ: انْـصَرِفُوا عَصَمَكُمُ اللهُ، وَأَحْسَنَ الْخِلَافَةَ عَلَيْكُمْ.

قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْنَا بَعْضَ أَوْلَادِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَحْمِلُ عَلَى ثَمَانِينَ فَرَسَاً فِي سَبِيلِ اللهِ.

وَكَانَ بَعْضُ أَوْلَادِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ مَعَ كَثْرَةِ مَا تَرَكَ لَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ يَتَعَاطَى وَيَسْأَلُ مِنْ أَوْلَادِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، لِأَنَّ عُمَرَ وَكَلَ وَلَدَهُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَسُلَيْمَانُ وَغَيْرُهُ إِنَّمَا يَكِلُونَ أَوْلَادَهُمْ إِلَى مَا يَدَعُونَ لَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ الْفَانِيَةِ، فَيَضِيعُونَ وَتَذْهَبُ أَمْوَالُهُمْ فِي شَهَوَاتِ أَوْلَادِهِمْ.

يَا عِبَادَ اللهِ: التَّقْوَى للهِ تعالى تَحْفَظُ الأَبْنَاءَ مِنْ بَعْدِنَا، فَاتَّقُوا اللهَ تعالى يَا أَيُّهَا الآبَاءُ، وَخَاصَّةً مِنْ خِلَالِ مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ، وَاتَّقُوا اللهَ تعالى يَا أَيَّتُهَا الأُمَّهَاتُ، وَخَاصَّةً مِنْ خِلَالِ لِبَاسِكُنَّ وَحِجَابِكُنَّ، وَاحْذَرُوا مِنْ ثِيَابِ أَهْلِ النَّارِ الكَاسِيَاتِ العَارِيَاتِ.

اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا بِالتَّقْوَى، وَجَمِّلْنَا بِالعَافِيَةِ، وَأَصْلِحْ لَنَا ذُرِّيَّاتِنَا. آمين.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

**        **     **

تاريخ الخطبة:

الجمعة: 30/ جمادى الأولى /1439هـ، الموافق: 16/ شباط / 2018م

 2018-02-16
 7105
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  خطب الجمعة

14-03-2024 437 مشاهدة
904ـ خطبة الجمعة: حافظوا على الطاعات والعبادات

فَيَا عِبَادَ اللهِ: كُلُّ عَامِلٍ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا لَهُ هَدَفٌ يُرِيدُ الوُصُولَ إِلَيْهِ، وَكُلُّ مُجْتَهِدٍ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا الفَانِيَةِ لَهُ غَايَةٌ يُرِيدُ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا. وَقِيمَةُ كُلِّ إِنْسَانٍ تَأْتِي ... المزيد

 14-03-2024
 
 437
08-03-2024 680 مشاهدة
903ـ خطبة الجمعة: استقبل شهر رمضان بالأمور الآتية

هَا نَحْنُ نَسْتَقْبِلُ شَهْرَ الصَّوْمِ، وَأَنْعِمْ بِالصَّوْمِ عِبَادَةً، بِهِ رَفْعُ الدَّرَجَاتُ، وَتَكْفِيرُ الخَطِيئَاتِ، وَكَسْرُ الشَّهَوَاتِ، وَتَكْثِيرُ الصَّدَقَاتِ، وَوَفْرَةِ الطَّاعَاتِ، وَشُكْرُ عَالِمِ الخَفِيَّاتِ، وَالانْزِجَارُ ... المزيد

 08-03-2024
 
 680
09-02-2024 2499 مشاهدة
902ـ خطبة الجمعة: حاله صلى الله عليه وسلم في شعبان

إِنَّ المُؤْمِنَ لَيَتَقَلَّبُ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيَمُدُّ اللهُ تعالى لَهُ في أَجَلِهِ، وَكُلَّ يَوْمٍ يَبْقَاهُ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا هُوَ غَنِيمَةٌ لَهُ لِيَتَزَوَّدَ مِنْهُ لِآخِرَتِهِ، وَيَحْرُثَ فِيهِ مَا اسْتَطَاعَ، ... المزيد

 09-02-2024
 
 2499
02-02-2024 2085 مشاهدة
901ـ خطبة الجمعة: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ﴾

لِنَكنْ جَمِيعًا عَلَى يَقِينٍ أَنَّنَا سَنَلْقَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾. أَلَا وَإِنَّ الخَيْرَ كُلَّ الخَيْرِ في الجَنَّةِ، وَإِنَّ الشَّرَّ كُلَّ ... المزيد

 02-02-2024
 
 2085
25-01-2024 1377 مشاهدة
900ـ خطبة الجمعة: صورة من صور الحياء (2)

مَنْ فَقَدَ الحَيَاءَ فَقَدَ كُلَّ شَيْءٍ، وَصَارَ مُجَرَّدًا مِنْ كُلِّ خُلُقٍ نَبِيلٍ فَاضِلٍ، فَاقِدُ الحَيَاءِ مَمْقُوتٌ خَائِنٌ لَا رَحْمَةَ عِنْدَهُ، بَلْ في غَالِبِ الأَمْرِ الأَعَمِّ تَجِدُهُ مَلْعُونًا عَلَى أَلْسِنَةِ بَعْضِ الخَلْقِ، ... المزيد

 25-01-2024
 
 1377
19-01-2024 1234 مشاهدة
899ـ خطبة الجمعة: صورة من صور الحياء (1)

خُلُقُ الحَيَاءِ مِنْ أَفْضَلِ الصِّفَاتِ، وَأَجَلِّ العِبَادَاتِ وَالقُرُبَاتِ، الحَيَاءُ خَصْلَةٌ حَمِيدَةٌ، تَكُفُّ صَاحِبَهَا عَمَّا لَا يَلِيقُ مِنَ الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ، وَهُوَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ، الحَيَاءُ قَرِينُ الإِيمَانِ، ... المزيد

 19-01-2024
 
 1234

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3152
المكتبة الصوتية 4740
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411766953
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :