﴿الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾

10626 - ﴿الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾

06-09-2020 949 مشاهدة
 السؤال :
ما هو تفسير قول الله تعالى: ﴿الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10626
 2020-09-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ عِنْدَ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: أَخْبَرَ تعالى أَنَّ في الأَعْرَابِ كُفَّارًا وَمُنَافِقِينَ وَمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّ كُفْرَهُمْ وَنِفَاقَهُمْ أَعْظَمُ مِنْ غَيْرِهِمْ وَأَشَدُّ وَأَجْدَرُ، أَيْ: أَحْرَى أَنْ لَا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ.

وَيَقُولُ العَلَّامَةُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: يَقُولُ تعالى: ﴿الأعْرَابِ﴾. وَهُمْ سُكَّانُ البَادِيَةِ وَالبَرَارِي ﴿أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾ مِنَ الحَاضِرَةِ الذينَ فِيهِمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ، وَذَلِكَ لِأَسْبَابٍ كَثِيرَةٍ.

مِنْهَا: أَنَّهُمْ بَعِيدُونَ عَنْ مَعْرِفَةِ الشَّرَائِعِ الدِّينِيَّةِ وَالأَعْمَالِ وَالأَحْكَامِ، فَهُمْ أَحْرَى ﴿وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾ مِنْ أُصُولِ الإِيمَانِ وَأَحْكَامِ الأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، بِخِلَافِ الحَاضِرَةِ، فَإِنَّهُمْ أَقْرَبُ لِأَنْ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ، فَيَحْدُثَ لَهُمْ ـ بِسَبَبِ هَذَا العِلْمِ ـ تَصَوُّرَاتٌ حَسَنَةٌ، وَإِرَادَاتٌ للخَيْرِ، الذي يَعْلَمُونَ، مَا لَا يَكُونُ في البَادِيَةِ.

وَفِيهِمْ مِنْ لَطَافَةِ الطَّبْعِ وَالانْقِيَادِ للدَّاعِي مَا لَيْسَ في البَادِيَةِ، وَيُجَالِسُونَ أَهْلَ الإِيمَانِ، وَيُخَالِطُونَهُمْ أَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ، فَلِذَلِكَ كَانُوا أَحْرَى للخَيْرِ مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ، وَإِنْ كَانَ في البَادِيَةِ وَالحَاضِرَةِ، كُفَّارٌ وَمُنَافِقُونَ، فَفِي البَادِيَةِ أَشَدُّ وَأَغْلَظُ مِمَّا في الحَاضِرَةِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الأَعْرَابَ أَحْرَصُ عَلَى الأَمْوَالِ، وَأَشَحُّ فِيهَا.

ثُمَّ يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَلَيْسَ الأَعْرَابُ كُلُّهُمْ مَذْمُومِينَ، بَلْ مِنْهُمْ ﴿مَنْ يُؤْمِنُ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ فَيَسْلَمُ بِذَلِكَ مِنَ الكُفْرِ وَالنِّفَاقِ وَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى الإِيمَانِ.

ثُمَّ يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَفِي هَذِهِ الآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الأَعْرَابَ كَأَهْلِ الحَاضِرَةِ، مِنْهُمُ المَمْدُوحُ وَمِنْهُمُ المَذْمُومُ، فَلَمْ يَذُمَّهُمُ اللهُ عَلَى مُجَرَّدِ تَعَرُّبِهِمْ وَبَادِيَتِهِمْ، إِنَّمَا ذَمَّهُمْ عَلَى تَرْكِ أَوَامِرِ اللهِ، وَأَنَّهُمْ في مَظِنَّةِ ذَلِكَ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾ مِنْ بَابِ وَصْفِ الجِنْسِ بِوَصْفِ بَعْضِ أَفْرَادِهِ، كَمَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا﴾.

فَالأَعْرَابُ لَيْسُوا كُلُّهُمْ كَذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ تعالى: ﴿وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

949 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 208
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1419
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 612
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1662
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1426
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 946
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412820463
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :