غضب الزوج بسبب عدم الاختلاط

10637 - غضب الزوج بسبب عدم الاختلاط

10-09-2020 2073 مشاهدة
 السؤال :
امْرَأَةٌ أَكْرَمَهَا اللهُ تعالى بِالاسْتِقَامَةِ، وَبِالمُحَافَظَةِ عَلَى حِجَابِهَا، وَلَكِنَّ زَوْجَهَا يَغْضَبُ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَلِطُ مَعَ إِخْوَتِهِ وَأَصْهَارِهِ، وَيَقُولُ لَهَا: هَلْ تُرِيدِينَ أَنْ تُفَرِّقِي بَيْنَنَا، وَنَقْطَعَ الأَرْحَامَ مِنْ أَجْلِكِ؟ اخْتَلِطِي مَعَهُمْ وَالإِثْمُ في رَقَبَتِي، فَهَلْ تُطِيعُ زَوْجَهَا في الاخْتِلَاطِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10637
 2020-09-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولًا: يَقُولُ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ في كِتَابِهِ العَظِيمِ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. وَيَقُولُ: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. وَيَقُولُ: ﴿يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا﴾. وَيَقُولُ: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾.

ثانيًا: يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾. وَيَقُولُ: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾. وَيَقُولُ: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾.

وَيَقُولُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ».

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟

قَالَ: «الْحَمْوُ الْمَوْتُ» رواه الشيخان عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

لِأَنَّ الدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ الأَجْنَبِيَّاتِ مَفْسَدَةٌ للدِّينِ، وَفي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ» رواه الشيخان عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

وَالاخْتِلَاطُ بِالنِّسَاءِ الأَجْنَبِيَّاتِ طَامَّةٌ كُبْرَى، لِأَنَّ الرَّجُلَ بِطَبِيعَتِهِ يَمِيلُ إلى المَرْأَةِ، وَالمَرْأَةَ تَمِيلُ إلى الرَّجُلِ، فَبِالاخْتِلَاطِ قَدْ تَكُونُ خَائِنَةُ الأَعْيُنِ، وَقَدْ يُصْبِحُ الشَّيْطَانُ رَسُولًا للمَرْأَةِ مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ، وَرَسُولًا إِلَيْهِ مِن قِبَلِهَا، وَفي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» رواه الحاكم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثالثًا: المُؤْمِنُ الحَقُّ هُوَ الذي يَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ، بِعَكْسِ غَيْرِ المُؤْمِنِ الذي يَأْمُرُ بِالمُنْكَرِ وَيَنْهَى عَنِ المَعْرُوفِ.

رابعًا: روى الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنِ التَمَسَ رِضَاءَ اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنِ التَمَسَ رِضَاءَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ وَكَلَهُ اللهُ إِلَى النَّاسِ».

خامسًا: روى الإمام أحمد عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

مَا يَأْمُرُ بِهِ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ طَامَّةٌ كُبْرَى، وَاجْتِرَاءٌ عَلَى حُدُودِ اللهِ تعالى: أَلَمْ يَقُلْ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾؟

الزَّوْجُ الذي يَقُولُ لِزَوْجَتِهِ: تُرِيدِينَ أَنْ تُفَرِّقِي بَيْنَنَا، وَأَنْ نَقْطَعَ أَرْحَامَنَا، لِيَتَذَكَّرْ قَبْلَ هَذَا الكَلَامِ: هَلِ الالْتِزَامُ بِالشَّرْعِ يُفَرِّقُ؟ وَهَلِ الالْتِزَامُ بِالشَّرْعِ يَكُونُ سبَبًا لِتَقْطِيعِ الأَرْحَامِ؟

الشَّرْعُ وَالالْتِزَامُ بِهِ يَجْمَعُ وَلَا يُفَرِّقُ، الذي يُفَرِّقُ هُوَ اتِّبَاعُ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾. وَكَمْ وَكَمْ وَقَعَتِ العَدَاوَاتُ وَالبَغْضَاءُ بِسَبَبِ تِلْكَ الاخْتِلَاطَاتِ.

لِيَذْكُرِ الزَّوْجُ الذي يَقُولُ لِزَوْجَتِهِ: اخْتَلِطِي وَالإِثْمُ في رَقَبَتِي؛ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾. أَمَا تَكْفِيهِ أَوْزَارُهُ؟

وَفي الخِتَامِ: لِيَذْكُرِ الزَّوْجُ العَهْدَ الذي أُخِذَ عَلَيْهِ أَثْنَاءَ عَقْدِ الزَّوَاجِ عِنْدَمَا قَالَ لَهُ وَلِيُّ زَوْجَتِهِ: زَوَّجْتُكَ مُوَكِّلَتِي عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالَ لَهُ: قَبِلْتُ زَوَاجَهَا عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ فَمَا يَفْعَلُهُ وَيَأْمُرُ بهِ زَوْجَتَهُ هَلْ هُوَ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَمْ مِنْ وَسْوَسَةِ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجِنِّ؟

وَأَخِيرًا: لِيَتَسَاءَلِ الزَّوْجُ مَعَ نَفْسِهِ مَا هِيَ الغَايَةُ مِنَ الاخْتِلَاطِ؟ وَإِذَا وَقَعَتْ ـ لَا قَدَّرَ اللهُ ـ الفِتْنَةُ مَا هُوَ مَوْقِفُهُ؟ العَاقِلُ مَنِ اتَّعَظَ بِالآخَرِينَ؛ فَكَمْ مِنْ فِتْنَةٍ حَصَلَتْ، وَكَمْ مِنْ خِيَانَةٍ وَقَعَتْ بِسَبَبِ الاخْتِلَاطِ؟

اللَّهُمَّ رَدُّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

2073 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1195
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 226
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 583
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2840
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1253
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7518
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413407626
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :