والده يأمره بطلاق زوجته

3481 - والده يأمره بطلاق زوجته

13-11-2010 135 مشاهدة
 السؤال :
والد يطلب من ولده أن يطلق زوجته دون أن يذكر له السبب، ويعتبر والده أن ولده عاق له إذا لم يطلق زوجته، لأن سيدنا عمر رضي الله عنه أمر ولده عبد الله أن يطلق زوجته، ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أمر عبد الله أن يطيع أباه، فهل يجب على الولد أن يطلق زوجته امتثالاً لأمر والده مع العلم بأن الزوجين في حالة وفاق؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 3481
 2010-11-13

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أَوَّلًا: مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ بِأَنَّ طَاعَةَ الوَالِدَيْنِ في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ للهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاجِبَةٌ شَرْعًا، وَلَا يَجُوزُ عُقُوقُ الوَالِدَيْنِ مَا دَامَا يَأْمُرَانِ في حُدُودِ طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ الطَّاعَةُ، لِأَنَّ الطَّاعَةَ في مَعْرُوفٍ، وَلَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ في مَعْصِيَةِ الخَالِقِ.

ثَانِيًا: الظُّلْمُ حَرَامٌ شَرْعًا، للحَدِيثِ القُدْسِيِّ: عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ.

وَحَذَّرَ الظَّالِمِينَ بِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَار * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾.

ثَالِثًا: المَطْلُوبُ مِنَ الأُمَّةِ الاقْتِدَاءُ بِالأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرِينَ كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَإِذَا كَانَ وَالِدُ هَذَا الرَّجُلِ كَشَخْصِيَّةِ سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في الوُقُوفِ عِنْدَ الحُدُودِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَا يَتَعَدَّى حُدُودَ اللهِ تعالى، وَهُوَ غَيُورٌ عَلَى دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كَغَيْرَةِ سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَيَخَافُ مِنَ اللهِ تعالى كَخِيفَةِ سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَيَجِبُ عَلَى الوَلَدِ أَنْ يُطِيعَ أَبَاهُ فِيمَا أَمَرَ، وَإِلَّا فَيَحْرُمُ عَلَى الوَلَدِ أَنْ يُطِيعَ أَبَاهُ في ذَلِكَ حَتَّى لَا يَقَعَ في الظُّلْمِ، حَيْثُ يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ بِدُونِ سَبَبٍ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

فَإِذَا ذَكَرَ الوَالِدُ لِوَلَدِهِ السَّبَبَ الدَّاعِيَ لِطَلَاقِهَا، وَكَانَ شَرْعِيًّا بِحَيْثُ يَمَسُّ دِينَهَا وَأَخْلَاقَهَا، فَيَجِبُ عَلَيْهِ طَاعَةُ الوَالِدِ، وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ طَاعَتُهُ بَلْ لَا تُنْدَبُ في هَذِهِ الحَالَةِ، وَصَدَقَ اللهُ القَائِلُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾.

وَنَنْصَحُ الوَالِدَ أَنْ يُبَيِّنَ لِوَلَدِهِ السَّبَبَ الشَّرْعِيَّ الدَّاعِيَ وَالوَاجِبَ لِطَلَاقِهَا، وَإِلَّا فَلْيَتَّقِ اللهَ في أَعْرَاضِ النَّاسِ، وَلْيَتَذَكَّرْ حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَهَلْ يُحِبُّ الوَالِدُ هَذَا لمِحَارِمِهِ؟ هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
135 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  بر الوالدين وصلة الأرحام

 السؤال :
 2022-12-25
 343
رَجُلٌ أُصِيبَ وَالِدُهُ بِمَرَضِ الإِيدز، وَهُوَ خَائِفٌ عَلَيْهِ مِنْ سُوءِ الخَاتِمَةِ، فَمَاذَا يَصْنَعُ مَعَ وَالِدِهِ؟
 السؤال :
 2020-07-16
 2427
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يَصِلَ خَالَتَهُ، وَأَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهَا، وَهَلْ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لَهَا؟
 السؤال :
 2020-07-02
 7
مَا حُكْمُ مُنَادَةِ الوَالِدِ: يَا حَاج، وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ للأُمِّ؟
 السؤال :
 2019-05-23
 4330
هل هناك علاقة بين وصل الرحم والرزق؟
 السؤال :
 2019-03-22
 20224
ما هو الواجب عليَّ وعلى إخوتي وأخواتي تجاه زوجة أبي؟ وهل هي من الأرحام التي يجب صلتها؟
 السؤال :
 2018-10-06
 2025
زوجتي صاحبة دين وخلق، وأنا وإياها في حالة تفاهم ووفاق، ولكن والديَّ يطلبان مني أن أطلقها، وأنا لا أرغب، وإذا لم أطلق سيطردانني إن دخلت بيتهما، فهل أعتبر قاطعاً للرحم إذا لم أطلق، ومنعاني من وصلهما؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413539355
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :