حكم من سب النبي   , وحكم قتله

356 - حكم من سب النبي   , وحكم قتله

26-05-2007 167 مشاهدة
 السؤال :
مَا حُكْمُ مَنْ سَبَّ النَّبِيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسَبَهُ وَالعِياذُ بِاللهِ كثيراً؟ وَهل صَحِيحٌ أَنَّ سَابَّ النَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْدورُ الدَّمِ يُقْتَلُ، وَقَاتِلُهُ لَا يَتَحَمَّلُ شَيْئاً؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 356
 2007-05-26

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

كُلُّ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَوْ أَلْحَقَ بِهِ عَيْبًا أَوْ نَقْصًا ـ وَحَاشَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ ـ أَوْ شَتَمَهُ، أَوْ عَرَّضَ بِهِ، أَوْ لَعَنَهُ، أَوْ عَابَهُ، أَوِ اسْتَخَفَّ بِهِ، فَهُوَ مُرْتَدٌّ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الفُقَهَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.

وَإِذَا ارْتَدَّ المُسْلِمُ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى، وَكَانَ مُسْتَوِفْيًا شُرُوطَ الرِّدَّةِ، أُهْدِرَ دَمُهُ، وَيُقْتَلُ بَعْدَ الاسْتِتَابَةِ، وَإِذَا قُتِلَ المُرْتَدُّ عَلَى رِدَّتِهِ فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُكَفَّنُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يُدْفَنُ في مَقَابِرِ المُسْلِمِينَ.

وَدَلِيلُ قَتْلِ المُرْتَدِّ مَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ».

وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ».

هَذَا إِذَا كَانَ المُرْتَدُّ رَجُلًا، أَمَّا إِذَا كَانَ المُرْتَدُّ امْرَأَةً فَكَذَلِكَ تُقْتَلُ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، لِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَنَّ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ رُومَانَ ارْتَدَّتْ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهَا الإِسْلَامُ، فَإِنْ تَابَتْ، وَإِلَّا قُتِلَتْ.

وَعِنْدَ الحَنَفِيَّةِ: المُرْتَدَّةُ لَا تُقْتَلُ، بَلْ تُحْبَسُ حَتَّى تَتُوبَ أَوْ تَمُوتَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ الكَافِرَةِ التي لَا تُقَاتِلُ أَوْ تُحَرِّضُ، فَتُقَاسُ المُرْتَدَّةُ عَلَيْهَا.

وَالذي يَقْتُلُهُ وَيَهْدُرُ دَمَهُ هُوَ الإِمَامُ، لِأَنَّهُ المَسْؤُولُ عَنْ إِقَامَةِ الحُدُودِ، وَلَيْسَ مِنْ حَقِّ المُسْلِمِ أَنْ يَقْتُلَ المُرْتَدَّ بِدُونِ إِذْنِ الإِمَامِ، لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ في حَقِّ الإِمَامِ أَنْ يَسْتَتِيبَ المُرْتَدَّ وَيُمْهِلَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، لِأَنَّ سَيِّدَنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اسْتَتَابَ المُرْتَدَّ ثَلَاثًا.

وَمَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الرِّدَّةُ وَالتَّوْبَةُ بِشُرُوطِهَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى، وَبَعْضُ الفُقَهَاءِ قَالَ: مَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، لِأَنَّ تَكْرَارَ الرِّدَّةِ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ عَقِيدَتِهِ وَقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ، وَاسْتِخْفَافِهِ بِأُمُورِ الدِّينِ.

وَدَلِيلُهُمْ في ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا﴾. وَحُجَّتُهُمْ في ذَلِكَ قَوِيَّةٌ وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ.

وَإِذَا قَتَلَ مُسْلِمٌ مُرْتَدًّا بِدُونِ إِذْنِ الإِمَامِ فَمِنْ حَقِّ الإِمَامِ أَنْ يُعَزِّرَهُ تَعْزِيرًا، وَلَا يُقِيمَ عَلَيْهِ حَدًّا، وَسَبَبُ تَعْزِيرِهِ لَهُ لِأَنَّهُ تَعَدَّى عَلَى حَقِّ الإِمَامِ، وَإِذَا عَطَّلَ الإِمَامُ الحَدَّ فَهُوَ الذي يَتَحَمَّلُ المَسْؤُولِيَّةَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ.

وَيَنْقُلُ صَاحِبُ إِعْلَاءِ السُّنَنِ في كِتَابِ الجِنَايَاتِ، عَنِ ابْنِ حَزْمٍ في المُحَلَّى، أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى يَقُولُ: مَنْ سَبَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ جُلِدَ، وَمَنْ سَبَّ عَائِشَةَ قُتِلَ.

قِيلَ لَهُ: لِمَ يُقْتَلُ فِي عَائِشَةَ؟

قَالَ: لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: ﴿يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.

قَالَ مَالِكٌ: فَمَنْ رَمَاهَا فَقَدْ خَالَفَ الْقُرْآنَ، وَمَنْ خَالَفَ الْقُرْآنَ قُتِلَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: قَوْلُ مَالِكٍ هَاهُنَا صَحِيحٌ، وَهِيَ رِدَّةٌ تَامَّةٌ، وَتَكْذِيبٌ للهِ تَعَالَى فِي قَطْعِهِ بِبَرَاءَتِهَا.

وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي سَائِرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا فَرْقَ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ﴾. فَكُلُّهُنَّ مُبَرَّآتٌ مِنْ قَوْلٍ إفْكٍ اهـ.

وَيَقُولُ بَعْدَهَا صَاحِبُ إِعْلَاءِ السُّنَنِ: فَمَا ظَنُّكَ بِمَنْ سَبَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَقَذَفَهُ؟ وَأَزْوَاجُهُ إِنَّمَا طِبْنَ مِنْ طِيبِهِ، وَتَبَرَّأْنَ عَنْ كُلِّ سُوءٍ لِبَرَاءَتِهِ وَنَزَاهَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَهَلْ قَذْفُهُ وَسَبُّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَسَبِّ رَجُلٍ مِنْ عَرَضِ النَّاسِ؟ وَلَا يُؤْمِنُ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ وَأَعْظَمَ عِنْدَهُ مِنَ الخَلْقِ أَجْمَعِينَ. اهـ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

1- سَابُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُرْتَدٌّ.

2- يُؤْمَرُ بِالتَّوْبَةِ وَيُمْهَلُ ثَلَاثًا، وَإِلَّا قُتِلَ مِنْ قِبَلِ الإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ.

3- إِذَا قَتَلَهُ غَيْرُ الإِمَامِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ يُعَزِّرُهُ الإِمَامُ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

 

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
167 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أحكام الردة والكفر

 السؤال :
 2019-08-08
 1928
تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً نَصْرَانِيَّةً بَعْدَ إِسْلَامِهَا، وَبَعْدَ سَنَوَاتٍ ارْتَدَّتْ وَعَادَتْ إلى نَصْرَانِيَّتِهَا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيَّ؟
رقم الفتوى : 9873
 السؤال :
 2019-01-05
 17998
ما حكم قول القائل: صرعت ربنا، صرعت إلهنا؟
رقم الفتوى : 9352
 السؤال :
 2013-04-10
 10734
ما حكم الإنسان النصراني ـ إذا كان موحداً أو غير موحد ـ إذا مات ولم يؤمن بسيدنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
رقم الفتوى : 5799
 السؤال :
 2012-06-29
 24401
هل يجوز شرعاً قتل الراهب الذي يقول: عيسى ابن الله ـ والعياذُ باللهِ تعالى ـ؟
رقم الفتوى : 5318
 السؤال :
 2009-10-29
 235
رجل عَقَدَ على فتاة، وقبل الدخول ارتدت عن الإسلام بسبب كفرها الصريح والعياذ بالله تعالى، فهل يجب على الزوج أن يجدِّد العقد عليها بسبب فسخ العقد لأنه ما تم الدخول بها، أم بمجرد توبتها إلى الله تعالى وتجديد إسلامها ترجع إلى عصمة زوجها؟
رقم الفتوى : 2451
 السؤال :
 2007-10-07
 201966
هل يكفر المسلم إذا أنكر نزول سيدنا عيسى عليه السلام?
رقم الفتوى : 561

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412879925
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :