الوصية للورثة

5987 - الوصية للورثة

02-11-2013 376 مشاهدة
 السؤال :
هل الوصية للورثة تكون مقصورة على الأمور المادية، أم تشمل الأمور الشرعية؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5987
 2013-11-02

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإنَّ الوَصِيَّةَ للوَرَثَةِ لا تَكونُ مَقصورَةً على الأُمورِ المادِّيَّةِ، من صَدَقاتٍ وهِباتٍ وما شابَهَ ذلكَ، بل هيَ شامِلَةٌ كذلكَ للأُمورِ الشَّرعِيَّةِ، وقد كانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يُوصونَ وَرَثَتَهُم بالتِزامِ الشَّرعِ بَعدَ مَوتِهِم، ويُحَذِّرونَهُم من المُخالَفاتِ الشَّرعِيَّةِ، وذلكَ تَأسِّياً بسيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

1ـ فَسَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أوصى بالنِّساءِ، فقال: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

2ـ وأوصى بأصحابِهِ الكِرامِ والتَّابِعينَ رَضِيَ اللهُ عنهُم جَميعاً، فقال: «اسْتَوْصُوا بِأَصْحَابِي خَيْراً، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» رواه الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُا. ودَخَلَ بذلكَ أئِمَّةُ المَذاهِبِ الأربَعَةِ.

3ـ وأوصى بالأنصارِ خاصَّةً، فقال: «اسْتَوْصُوا بِالْأَنْصَارِ خَيْراً ـ أَوْ قَالَ: مَعْرُوفاً ـ اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ» رواه الإمام أحمد عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

وفي روايَةِ الإمام البخاري عن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَيَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالْأَنْصَارِ خَيْراً ﴿الَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَأَنْ يَعفُوَ عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الْأَمْصَارِ خَيْراً، فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الْإِسْلَامِ، وَجُبَاةُ الْمَالِ، وَغَيْظُ الْعَدُوِّ، وَأَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُمْ إِلَّا فَضْلُهُمْ عَنْ رِضَاهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالْأَعْرَابِ خَيْراً، فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ، وَمَادَّةُ الْإِسْلَامِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ وَيُرَدَّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ الله وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلَا يُكَلَّفُوا إِلَّا طَاقَتَهُمْ».

4ـ وأوصى النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أن لا يُتَّخَذَ قَبرُهُ عيداً، فقال: «لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيداً، وَلَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُوراً، وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَصَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي» رواه الإمام أحمد وأبو داود.

وروى الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَساجِد».

5ـ سيِّدُنا عَمرو بنُ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهُ أوصى وَرَثَتَهُ عِندَ مَوتِهِ، فقال: فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنَّاً، ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ وَأَنْظُرَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي.

6ـ سيِّدُنا أبو هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: لا تَضرِبوا على قَبري فسطاطاً، ولا تَتَّبِعوني بِمجمَرٍ، وأسرِعوا بي، أسرعوا بي، فإنِّي سَمِعتُ رَسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يقول: «إذا وُضِعَ المؤمِنُ على سَريرِهِ يَقولُ: قَدِّموني قَدِّموني، وإذا وُضِعَ الكافِرُ على سَريرِهِ قالَ: يا وَيلَتاهُ أينَ تَذهبونَ بي. رواه البيهقي.

7ـ العَلاءُ بنُ اللَّجاجِ قال لأولادِهِ: إذا أدخَلتُموني قَبري فَضَعوني في اللَّحدِ، وقولوا: بِسمِ الله، وعلى سُنَّةِ رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وسُنُّوا عَلَيَّ التُّرابَ سَنَّاً، واقرؤوا عِندَ رَأسي أوَّلَ البَقَرَةِ وخَاتِمَتَها، فَإنِّي رَأيتُ ابنَ عُمَرَ يَستَحِبُّ ذلكَ.

8ـ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ أوصى أولادَهُ، فقال: اتَّقُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَسَوِّدُوا أَكْبَرَكُمْ، فَإِنَّ الْقَوْمَ إِذَا سَوَّدُوا أَكْبَرَهُمْ خَلَفُوا أَبَاهُمْ، وَإِذَا مُتُّ فَلَا تَنُوحُوا عَلَيَّ، فَإِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنَحْ عَلَيْهِ. رواه الإمام أحمد.

وبناء على ذلك:

فالوَصِيَّةُ للوَرَثَةِ تَكونُ شامِلَةً لأُمورٍ دُنيَوِيَّةٍ ودِينِيَّةٍ، والأهَمُّ فيها أن يُوصيهِم بِتَقوى الله عزَّ وجلَّ، واتِّباعِ السُّنَّةِ في تَغسيلِهِ وتَكفينِهِ والصَّلاةِ عَلَيهِ، وَوَضْعِهِ في القَبرِ، وأن يَلتَزِموا شَرعَ الله تعالى، وأن يَقسِموا التَّرِكَةَ قِسمَةً شَرعِيَّةً، إلى غَيرِ ذلكَ من المَأموراتِ والمَحظوراتِ الشَّرعِيَّةِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
376 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أحكام المواريث

 السؤال :
 2023-07-13
 623
إِذَا تَمَّ عَقْدُ زَوَاجٍ عَلَى فَتَاةٍ وَلَمْ يَدْخُلِ الزَّوْجُ بِهَا، وَمَاتَ أَحَدُهُمَا، فَهَلْ يَرِثُهُ الآخَرُ؟
رقم الفتوى : 12645
 السؤال :
 2021-03-11
 1149
مَا مَعْنَى قَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»؟
رقم الفتوى : 11032
 السؤال :
 2021-01-20
 2087
أنا رجل متزوج، ورزقني الله بنات ولم يرزقني إخوة لهن، فهل يجوز أن أتنازل عن ممتلكاتي لزوجتي ولبناتي وأنا على قيد الحياة، وحق الانتفاع لي مدى الحياة؟
رقم الفتوى : 10883
 السؤال :
 2021-01-20
 1889
أعطت امرأة ابنتها شيئاً من الذهب، وبعد وفاة الأم طالب الورثة هذه البنت بالذهب، وقالوا: هذا من حق الورثة جميعاً، فهل هذا صحيح أم لا؟
رقم الفتوى : 10882
 السؤال :
 2020-10-12
 859
مَا هُوَ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ عَلَى تَحْرِيمِ التَّوَارُثِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَزَوْجَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ؟
رقم الفتوى : 10704
 السؤال :
 2019-11-12
 1685
بَعْدَ وَفَاةِ وَالِدِي رَحِمَهُ اللهُ تعالى تَنَازَلَتْ أُخْتِي عَنْ حِصَّتِهَا مِنَ التَّرْكَةِ، وَبَعْدَ فَتْرَةٍ نَدِمَتْ، وَتُرِيدُ الآنَ حِصَّتَهَا، فَهَلْ هَذَا مِنْ حَقِّهَا؟
رقم الفتوى : 10027

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412883648
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :