الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: من ماتَ وهوَ مُصِرٌّ على تَرْكِ الزَّكاةِ مَعَ الاعتِقادِ بِوُجوبِها فهوَ فاسِقٌ، وأمَّا إذا كانَ يَعتَقِدُ عَدَمِ فَرْضِيَّتِها فقد أنكَرَ أمراً مَعلوماً من الدِّينِ بالضَّرورَةِ، وبذلكَ يَكونُ كَافِراً مُرتَدَّاً عن دِينِ الله عزَّ وجلَّ.
ثانياً: نَصَّ الفُقَهاءُ على أنَّ العَبدَ إذا ارتَدَّ عن دِينِ الله عزَّ وجلَّ وماتَ على ذلكَ فلا يُغَسَّلُ، ولا يُكَفَّنُ، ولا يُصَلَّى عَلَيه، ولا يُدفَنُ في مَقابِرِ المُسلِمينَ.
ثالثاً: عُقوبَةُ مانِعِ الزَّكاةِ ذَكَرَها رَبُّنا عزَّ وجلَّ بِقَولِهِ: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيم * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُون﴾.
ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ إِلَّا أُحْمِيَ عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُجْعَلُ صَفَائِحَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبَاهُ وَجَبِينُهُ، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ.
وَمَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إِلَّا بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ كَأَوْفَرِ مَا كَانَتْ تَسْتَنُّ عَلَيْهِ، كُلَّمَا مَضَى عَلَيْهِ أُخْرَاهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ.
وَمَا مِنْ صَاحِبِ غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إِلَّا بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ كَأَوْفَرِ مَا كَانَتْ، فَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا، لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ وَلَا جَلْحَاءُ، كُلَّمَا مَضَى عَلَيْهِ أُخْرَاهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وبناء على ذلك:
فمن ماتَ وهوَ مُصِرٌّ على مَنْعِ الزَّكاةِ مَعَ الإقرارِ بِفَرْضِيَّتِها، فهذا أمرُهُ إلى الله تعالى، إن شاءَ عَذَّبَهُ بما ذُكِرَ في القُرآنِ العَظيمِ، وفي الحَديثِ الشَّريفِ، وإن شاءَ عَفا عنهُ، ويُصَلَّى عَلَيهِ، ويُدفَنُ في مَقابِرِ المُسلِمينَ.
أمَّا إذا ثَبَتَ بأنَّهُ كانَ مُنكِراً لِفَريضَةِ الزَّكاةِ بإقرارِهِ أو بِبَيِّنَةٍ وَاضِحَةٍ وماتَ وهوَ مُصِرٌّ على ذلكَ، فهوَ كَافِرٌ مُرتَدٌّ بإنكارِهِ لِهذهِ الفَريضَةِ، والوَعيدُ نازِلٌ بهِ يَومَ القِيامَةِ والعِياذُ بالله تعالى، ولا يُغَسَّلُ، ولا يُكَفَّنُ، ولا يُصَلَّى عَلَيهِ، ولا يُدفَنُ في مَقابِرِ المُسلِمينَ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |