البكاء على الميت

6753 - البكاء على الميت

20-02-2015 4902 مشاهدة
 السؤال :
قتل والدي رَحِمَهُ اللهُ تعالى ظلماً، وإني كثير البكاء عليه، وكلما تذكرته دمعت عيني، فهل هذا دليل على عدم الرضا بالقضاء والقدر؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6753
 2015-02-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: أَقُولُ لَكَ: اِحمَدِ اللهَ تعالى على أنَّ وَالِدَكَ قُتِلَ ظُلْمَاً، فَمَن قُتِلَ ظُلْمَاً فَهُوَ رَابِحٌ ولَيسَ بِخَاسِرٍ، والمُعَوَّلُ عَلَيهِ رِبْحُ الآخِرَةِ، لا رِبْحُ الدُّنيَا.

ثانياً: البُكَاءُ على المَيْتِ بِدَمْعِ العَينِ، وحُزْنِ القَلبِ، على وَجْهِ الرَّحمَةِ والشَّفَقِةِ والرِّقَّةِ هذا جَائِزٌ شَرعَاً، وهذا قد حَصَلَ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، بَل وَصَفَهُ بِأَنَّهُ رَحمَةٌ، روى الإمام البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَيْفٍ الْقَيْنِ، وَكَانَ ظِئْراً ـ أي: أباً من الرَ        ّضَاعَةِ ـ  لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ.

ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَذْرِفَانِ.

فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟

فَقَالَ: «يَا ابْنَ عَوْفٍ، إِنَّهَا رَحْمَةٌ».

ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى.

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ».

وروى الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ، فَأَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ.

فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ فِي غَشِيَّةٍ، فَقَالَ: «أَقَدْ قَضَى؟».

قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللهِ.

فَبَكَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَكَوْا.

فَقَالَ: «أَلَا تَسْمَعُونَ، إِنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا ـ وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ ـ أَوْ يَرْحَمُ».

وبناء على ذلك:

فإذا كَانَ بُكَاؤُكَ على وَجْهِ الشَّفَقَةِ والرَّحمَةِ، بِدُونِ نُوَاحٍ، مَعَ ضَبْطِ اللِّسَانِ، فلا حَرَجَ فِيهِ، وأَسأَلُ اللهَ تعالى أن يُعْظِمَ أَجْرَكُم. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
4902 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أحكام الجنائز

 السؤال :
 2023-02-21
 710
هَلْ يُسَنُّ الوُضُوءُ في حَقِّ مَنْ حَمَلَ مَيْتًا؟
رقم الفتوى : 12416
 السؤال :
 2022-04-02
 1267
مَا حُكْمُ دَفْنِ الإِنْسَانِ المُسْلِمِ في مَقَابِرِ غَيْرِ المُسْلِمِينَ؟
رقم الفتوى : 11884
 السؤال :
 2021-04-29
 4431
هَلْ صَحِيحٌ بِأَنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ حَشْوُ دُبُرِ المَيْتِ بِالقُطْنِ؟
رقم الفتوى : 11197
 السؤال :
 2021-01-10
 460
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُكْشَفَ وَجْهُ المَيْتِ بَعْدَ وَضْعِهِ في قَبْرِهِ؟
رقم الفتوى : 10866
 السؤال :
 2018-02-07
 3080
كيف تكون صلاة الجنازة؟
رقم الفتوى : 8674
 السؤال :
 2017-11-02
 3614
ما حكم الصلاة على الجنازة، هل هي فرض أم سنة مؤكدة؟
رقم الفتوى : 8447

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3159
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412641800
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :